وكخُلفاء بني أمية، وكالملوك المؤيدين في الإسلام قديمًا وحديثًا، كانوا أشدَّ الناس إبعادًا لهؤلاء عن أبوابهم، ولم يَقُمْ لهم سوقٌ في عهدهم إلا عند أشباههم ونظرائهم من كلِّ منافقٍ متستِّرٍ بالإسلام، أو جاهلٍ مُفرِطٍ في الجهل، أو ناقص العقل والدِّين.
وهؤلاء المذكورون في هذه المحاورة لمَّا صَحَوا وخلا بعضُهم ببعض ولم يُمْكِنهم أن يعتمدوا من التلبيس والكذب والزَّرْق مع بعضهم بعضًا (?) ما يعتمدونه مع غيرهم تكلَّموا بما عندهم في ذلك من الاعتراف بالجهل وأنَّ الأمرَ إنما هو حَدْسٌ وظنٌّ وزَرْق، وأنَّ أحوالَ العالم العُلويِّ أجلُّ وأعظمُ من أن تدخلَ تحت معارفهم وتُكالَ بقُفْزان عقولهم (?)، وأنَّ جهلَهم بذلك يوجبُ ولا بدَّ جهلَهم بالأحكام، وأنهم لا وثوقَ لهم بشيءٍ مما فيه؛ لجواز تشكُّل الفلَك بشكلٍ يقتضي بطلانَ جميع الأحكام، وتشكُّله بشكلٍ يكونُ بطلانُها وصحَّتُها بالنسبة إليه على السَّواء، وليس لهم علمٌ بانتفاء هذا الشَّكل ولا بوقت حصوله، فإنه ليس جاريًا على قانونٍ مضبوط، ولا على حسابٍ معروف.
ومع هذا فكيف يبقى لعاقلٍ الوثوقُ بشيءٍ من علم أحكامهم، وهذه