* وقال آخر- وهو النُّوشْجاني-: إنما يؤتى أحدُ الحاكمَيْن لأحد المَلِكين (?) لا من جهة غلطٍ يكونُ في الحساب، ولا من قلَّة مهارةٍ في العمل، ولكنْ يكونُ في طالعه أن لا يصيبَ (?) في ذلك الحكم، ويكونُ في طالع الملك أن لا يصيبَ منجِّمُه في تلك الحرب، فمقتضى حاله وحال صاحبه يحولُ بينه وبين الصواب، ويكونُ الآخرُ مع صحة حسابه وحُسْن إدراكه قد وجبَ في طالع نفسه وطالع صاحبه ضدُّ ذلك، فيقعُ الأمرُ الواجب، ويبطلُ الآخرُ الذي ليس بواجب.
وقد كان المنجِّمان من جهة العلم والحساب أعطيا للصِّناعة حقَّها، ووفَّيا ما عليهما، ووقفا موقفًا واحدًا على غير مزيَّةٍ بيِّنة ولا علَّةٍ قائمة.
* قال آخر: ولولا هذه البقيةُ (?) المندفنة والغايةُ المستترةُ التي استأثر اللهُ بها لكان لا يَعْرِضُ هذا الخطأُ مع صحَّة الحساب، ودقَّة النظر، وشدَّة الغَوْص، وتوخِّي المطلوب، ومع غَلَبة الهوى والميل إلى المحكوم له.
وهذه البقيةُ دائرةٌ في أمور هذا الخَلق فاضلِهم وناقصهم ومتوسِّطهم، في دقيقها وجليلها، وصعبها وذلولها (?)، ومن كان له في نفسه باعثٌ على التصفُّح والنظر والتخبُّر (?) والاعتبار وقفَ على ما أومأتُ إليه وسلَّم.