باردٌ يابس؟ ! والحارُّ والباردُ من الملموسات، وما دلَّه على هذا لمسٌ كما يُسْتَدلُّ بلمس الملموسات (?)؛ فإنَّ ذلك ما ظهرَ للحِسِّ في غير الشَّمس حيثُ تُسَخِّنُ الأرضَ بشعاعها. وإن كان في السمائيَّات شيءٌ من طبائع الأضداد فالأولى أن تكون كلُّها حارَّة؛ لأنَّ كواكبها كلَّها منيرة.

ومتى يقولُ الطبيعيُّ [المحقِّق] بتقطُّع الفلك وقسمته (?) [إلى أجزاء]، كما قسَّمه المنجِّمون قسمةً وهميَّة إلى بروجٍ ودَرَجٍ ودقائق؟ ! وذلك جائزٌ للمتوهِّم كجواز غيره، غيرُ واجبٍ في الوجود ولا حاصل، ونقلوا ذلك التوهُّم الجائزَ إلى الوجود الواجب في أحكامهم.

وكان الأصلُ فيه - على زعمهم - حركةَ الشَّمس في الأيام والشهور، فجعلوا (?) منها قسمةً وهميَّة، وجعلوها حيثُ حكموا كالحاصلة الوجودية المتميِّزة بحدودٍ وخطوط، كأنَّ الشَّمس بحركتها من وقتٍ إلى وقتٍ مثله خَطَّت في السماء خطوطًا، وأقامت فيها جدرانًا وحدودًا، وغيَّرت في أجزائها طباعًا تغييرًا (?) يبقى فتبقى به القسمةُ إلى تلك البروج والدَّرَج مع جواز الشَّمس عنها!

وليس في جوهر الفلك اختلافٌ يتميزُ به موضعٌ منه عن موضعٍ سوى الكواكب، والكواكبُ تتحركُ عن أمكنتها، فتبقى الأمكنةُ على التَّشابُه، فبماذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015