طبائع أهل الإقليم الرابع؛ لأنَّ بُعْدَهم (?) عن الاعتدال قليل.

وأمَّا أهلُ الإقليم السادس والسابع، فإنَّ أهلَها مَقْرُورون (?)، ولغلبة البرد والرطوبة عليهم يشتدُّ بياضُ ألوانهم وزُرْقةُ عيونهم.

وأمَّا المواضعُ التي تَقْرُب من أن يكون القطبُ (?) فيها فوق الرأس، فهناك لا يَصِلُ تسخينُ الشَّمس إليها، فلا جَرَمَ عَظُمَ البردُ فيها، ولم يتكوَّن هناك حيوانٌ البتة.

وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ الشَّمس جزءُ السَّبب، وأنَّ الهواءَ جزءُ السَّبب، والأرض جزء، وانعكاس الشُّعاع جزء، وقبول المنفعِلات جزء، ومجموعُ ذلك سببٌ واحدٌ قدَّره العزيزُ العليمُ القدير، وأجرى عليه نظامَ العالَم.

وقدَّر سبحانه أشياءَ أُخَر لا يعرفُها هؤلاء الجهَّال، ولا عندهم منها خبر، مِنْ تدبير الملائكة، وحركاتهم، وطاعة أستُقُصَّات العالم وموادِّه لهم، وتصريفهم تلك الموادَّ بحسب ما رُسِمَ لهم من التقدير الإلهيِّ والأمر الرباني.

ثمَّ قدَّر تعالى أشياءَ أُخَر تُمَانِعُ هذه الأسبابَ عند التصادم، وتُدافِعُها، وتقهرُ مُوجَبَها ومقتضاها، ليظهر عليها أثرُ القهر والتسخير والعبوديَّة، وأنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015