تسخينُها، والسُّخونةُ جاذبةٌ للرطوبات، وإذا انجذبت الرطوباتُ إلى الجانب الجنوبيِّ انكشف الجانبُ الشماليُّ ضرورةً، وصار مستقرًّا للحيوان الأرضي، والجنوبيُّ أعظم الجانبين رطوبةً وأكثرها مياهًا ومقرًّا للحيوان المائيِّ-.

وأمَّا المواضعُ المسامتةُ لأوج الشَّمس في الشمال فهي غيرُ محترقة، بل معتدلة لبُعْدِ الشَّمس من الأرض.

وبسبب التفاوت القليل الحاصل بين أقرب قُرب الشَّمس من الأرض وأبعدِ بُعْدِها منها صار [الجانب] الجنوبيُّ محترقًا والجانبُ الشمالىُّ معتدلًا، فلو كانت الشَّمس حاصلةً في فلك الكواكب (?) لفسَد هذا العالَم (?) من شدَّة البرد، ولو فرضنا أنها انحدرَت إلى فلك القمر لاحترق هذا العالَم.

فاقتضت حكمةُ العزيز العليم الحكيم أنْ وَضَعَ الشَّمسَ وسط الكواكب السَّبعة، وجعَل حركتَها المعتدلةَ وقُربها المعتدل سببًا لاعتدال هذا العالَم، وجعَل قُربها وبعدَها وارتفاعَها وانخفاضها سببًا لفصوله التي هي نظامُ مصالحه، فتبارك الله ربُّ العالمين، وأحسنُ الخالقين.

وأهلُ الإقليم الأول لأجل قُربهم من الموضع المحاذي لحضيض الشَّمس كانت سخونةُ هوائهم شديدة، ولا جَرَمَ كانوا أشدَّ سوادًا من مكان خطِّ الاستواء (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015