وأمَّا الزُّهَرة، فإنَّا نرى لونَها كالمركَّب من البياض والصُّفْرة، ثم إنَّ البياض يدلُّ على طبيعة البلغم الذي هو البردُ والرطوبة، والصُّفرة تدل على الحرارة. ولما كان بياضُ الزُّهَرة أكثر من صُفْرتها حكمنا عليها بأنَّ بردَها ورطوبتَها أكثر.
وأمَّا المشتري، فلمَّا كانت صُفْرتُه أكثر مما في الزُّهَرة كانت سخونتُه أكثر من سخونة الزُّهَرة، وكان في غاية الاعتدال (?).
وأمَّا القمر، فهو أبيض، وفيه كُمُودة، فبياضُه يدلُّ على البرد (?).
وأمَّا عطارد، فإنا نراه على ألوانٍ مختلفة (?)، فربما رأيناه أخضر، وربما رأيناه أغبَر، وربما رأيناه على خلاف هذين اللَّونين، وذلك في أوقاتٍ مختلفة، مع كونه في الأفق على ارتفاعٍ واحد، فلا جَرَمَ قلنا: إنه لكونه قابلًا للألوان المختلفة يجبُ أن يكونَ له طبائعُ مختلفة، إلا أنا لمَّا وجدنا في الغالب عليه الغُبرة الأرضية، قلنا: طبيعته أميَلُ إلى الأرض واليُبس.
وهذا التقريرُ باطلٌ من وجوهٍ عديدة (?):
أحدها: أنَّ المشاركةَ في بعض الصِّفات لا تقتضي المشاركةَ في الماهيَّة