من الناس، ولا يلزمُ أن يكون في آبائه مَلِكٌ ولا يكون ابنَ مَلِك، فما بال طالع المُلك المشتَرك بين عدَّة أولادٍ خَصَّ هذا وحدَه؟ !
حتى إنَّ أكثركم ينظرُ بنصِّ بَطْليموس إلى جنس المولود وما يصلحُ له، فيحكمُ على ابن المَلكِ بالمُلك، وعلى ابن الحجَّام بالحِجامة، فإن كان طالعُهما واحدًا حكم بتقدُّم ابن الحجَّام في رياسةِ صناعتِه وكونِه كمَلكِهم.
ومعلومٌ أنَّ الحِسَّ والوجودَ أكبرُ المكذِّبين لكم في هذه الأحكام، فما أكثرَ من نال المُلكَ وليس هو من أبناء الملوك البتة، ولا كان طالعُه يقتضي ذلك، وحُرِمَه من يقتضيه طالعُه بزعمكم ممَّن أبوه مَلِك!
وكذلك الكلامُ في غير المُلك من الطالع الذي يقتضي كونَ المولود حكيمًا عالمًا، أو حاذقًا في صناعته، كم قد أخلَف وحصل العلمُ والحكمةُ والتقدُّمُ في الصِّناعة لغير أرباب ذلك الطالع!
وفي ذلك أبينُ تكذيبٍ لكم وإبطالٍ لقولكم، والله المستعان.
قال صاحبُ الرِّسالة:
"ومن ذلك (?): قولهم: إنَّ الكواكبَ المتحيِّرةَ أجلُّ من الثوابت، وأبينُ تأثيرًا في العالَم، وإنَّ كلَّ واحدٍ من الكواكبِ الثابتة يفعلُ فعلًا واحدًا لا يزولُ عنه من غير أن يَنْحَسَ أو يُسْعِد، وإنَّ عطارد- وهو (?) من الكواكب المتحيِّرة- ليس له طبعٌ يُعْرَف، وأنه نحسٌ إذا قارن النُّحوس، وسعدٌ إذا قارن السُّعود.