على لسان رسوله: "يا عبادي، إني حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي" (?)، وقال: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49]، وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصِّلت: 46]، وقال: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49]، وقال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31]؛ فأخبَر عن تحريمه على نفسه، ونفى عن نفسه فِعلَه وإرادتَه.
وللنَّاس في تفسير هذا الظُّلم ثلاثةُ أقوال (?)، بحسب أصولهم وقواعدهم:
أحدها: أنَّ الظُّلمَ الذي حرَّمه وتنزَّه عن فعله وإرادته هو نظيرُ الظُّلم من الآدميِّين بعضِهم لبعض (?)، وشبَّهوه في الأفعال- ما يحسُن منها وما لا يحسُن- بعباده، فضربوا له مِنْ قِبَل أنفسِهم الأمثال، وصاروا بذلك مشبِّهة ممثَّلةً في الأفعال.
فامتنعوا من إثبات المثَل الأعلى الذي أثبته لنفسه، ثمَّ ضربوا له الأمثال ومثَّلوه في أفعاله بخلقه، كما أنَّ الجهميَّة المعَطلة امتنعت من إثبات المثَل الأعلى الذي أثبته لنفسه، ثمَّ ضربوا له الأمثالَ ومثلوه في صفاته بالجمادات النَّاقصة، بل بالمعدومات.
وأهلُ السنَّة نزَّهوه عن هذا وهذا، وأثبتوا له ما أثبته لنفسه من صفات