فأيُّ تعطيلٍ ورفع للشرائع أكثرُ من هذا؟ !
فهذا إلزامُهم لكم، كما أنكم ألزمتموهم نظيرَ ذلك في نفي صفة الكلام، وأنصفتموهم في الإلزام.
الوجه الحادي والستُّون: قولكم: "لو ثبت الحُسن والقُبح العقليَّين (?) لتعلَّق بهما الإيجابُ والتَّحريمُ شاهدًا وغائبًا، واللازمُ محال، فالملزومُ كذلك ... " إلى آخره (?).
فنقول: الكلام هاهنا في مقامين:
أحدهما: في التَّلازُم المذكور بين الحُسْن والقُبح العقليَّين، وبين الإيجاب والتَّحريم غائبًا.
والثَّاني: في انتفاء اللازم وثبوته.
* فأمَّا المقام الأوَّل، فلمُثْبتي الحُسْن والقُبح طريقان:
أحدهما: ثبوتُ التَّلازُم والقولُ باللازم، وهذا القولُ هو المعروف عن المعتزلة، وعليه يُناظِرون، وهو القولُ الذي نَصَبَ خصومُهم الخلافَ معهم فيه.
والقول الثَّاني: إثباتُ الحُسْن والقُبح (?)، فإنهم يقولون بإثباته، ويصرِّحون بنفي الإيجاب قبل الشَّرع على العبد، وبنفي إيجاب العقل على الله شيئًا البتَّة؛ كما صرَّح به كثيرٌ من الحنفيَّة، والحنابلة كأبي الخطَّاب