أن يكون على غير هذا الوجه، فإنه يكونُ باطلًا وعبثًا، فتعالى الله عنه لمنافاته إلهيَّتَه وحكمتَه وكمال ملكه وحمده (?).

وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190 - 191].

وتأمَّل كيف أخبرَ سبحانه عنهم (?) بنفي الباطليَّة عن خلقه (?)، دون إثبات الحكمة؛ لأنَّ نفيَ الباطل (?) على سبيل العموم والاستغراق أوغَلُ في المعنى المقصود وأبلغُ من إثبات الحِكَم؛ لأنَّ بيان جميعها لا تَفِي به أفهامُ الخليقة، وبيانَ البعض يُؤذِن بتناهي الحكمة، ونفيُ البطلان والخلُوِّ عن الحكمة والفائدة يفيدُ أنَّ كلَّ جزءٍ من أجزاء العالم عُلويِّه وسُفليِّه متضمِّنٌ لحِكَمٍ جمَّةٍ وآياتٍ باهرة.

ثمَّ أخبَر سبحانه عنهم بتنزيهه عن الخلقِ باطلًا خِلْوًا عن الحكمة، ولا معنى لهذا التَّنزيه عند النُّفاة؛ فإنَّ الباطل عندهم هو المحالُ لذاته، فعلى قولهم نزَّهوه عن المحال لذاته الذي ليس بشيء، كالجمع بين النَّقيضين، وكَوْن الجسم الواحد لا يكونُ في مكانين. ومعلومٌ قطعًا أنَّ هذا ليس مرادَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015