حكمتُه سبحانه أن يُنْزِل آدمَ وذريَّته دارًا يظهَرُ عليهم فيها أثرُ أسمائه الحسنى، يَغْفِرُ فيها لمن يشاء، ويرحمُ من يشاء، ويخفض من يشاء، ويرفعُ من يشاء، ويُعِزُّ من يشاء، ويُذِلُّ من يشاء، وينتقمُ ممن يشاء، ويعطي ويمنع، ويقبض ويبسط، إلى غير ذلك من ظهور أثر أسمائه وصفاته.
* وأيضا؛ فإنه سبحانه الملكُ الحقُّ المبين، والملكُ هو الذي يأمرُ وينهى، ويثيبُ ويعاقب، ويُهِينُ ويُكْرِم، ويُعِزُّ ويُذِلُّ، فاقتضى ملكُه سبحانه أن أنزل آدمَ وذريَّته دارًا تجري عليهم فيها أحكامُ الملك، ثمَّ ينقلُهم إلى دارٍ يُتِمُّ عليهم فيها ذلك.
* وأيضًا؛ فإنه سبحانه أنزلهم إلى دارٍ يكونُ إيمانُهم فيها بالغيب، والإيمانُ بالغيب هو الإيمانُ النَّافع (?)، وأمَّا الإيمانُ بالشَّهادة فكلُّ أحدٍ يؤمنُ يوم القيامة، يوم لا ينفعُ نفسًا إلا إيمانُها في الدنيا؛ فلو خُلِقوا في دار النعيم لم ينالوا درجةَ الإيمان بالغيب، واللَّذةُ والكرامةُ الحاصلة بذلك لا تحصُل بدونه، بل كان الحاصلُ لهم في دار النعيم لذَّةً وكرامةً غير هذه.
* وأيضًا؛ فإنَّ الله سبحانه خلق آدمَ من قبضةٍ قَبَضها من جميع الأرض، والأرضُ فيها الطيبُ والخبيث، والسَّهْل والحَزْن، والكريمُ واللئيم؛ فعَلِم