وزادت التَّناسُخيَّةُ (?) على الصَّابئة بأن قالوا: نوعُ الإنسان لمَّا كان موصوفًا بنوع اختيارٍ في أفعاله، مخصوصًا بنُطقٍ وعقلٍ في علومه وأحواله؛ ارتفَع عن الدَّرجة الحيوانية ارتفاعَ اسْتِسْخارٍ لها (?)، فإن كانت أعمالُه على مناهج الدَّرجة الإنسانية ارتفعَت إلى الملائكة (?)، وإن كانت على مناهج الدَّرجة الحيوانية انخفضت إليها أو إلى أسفل، وهو أبدًا في أحد أمرين: إمَّا فعلٍ يقتضي جزاءً (?)، أو مجازاةٍ على فِعل، فما باله يحتاجُ في أفعاله وأحواله إلى شخصٍ مثله يحسِّنُ أو يقبِّح؟ !
فلا العقلُ يحسِّنُ ويقبِّحُ، ولا الشَّرع، ولكنْ حُسْنُ أفعاله جزاءٌ على حُسْن أفعال غيره، وقُبح أفعاله كذلك، وربَّما يَظْهَرُ (?) حُسْنُها وقبحُها صُورًا حيوانيةً روحانية (?)، وربَّما يصيرُ (?) الحُسْن والقُبح في الحيوانات أفعالًا إنسانية، وليس بعد هذا العالم عالمٌ وآخر (?) يُحْكَمُ فيه ويحاسَبُ ويثابُ ويعاقَب.