وكفى بالوحي وصريح المعقول وفطرة الله والاعتبار الصَّحيح وإجماع الأمَّة ردًّا لهذا القول وتكذيبًا له.

الإلزام السَّابع عشر: أنَّ ما مِنْ أصلحَ إلا وفوقه ما هو أصلحُ منه، والاقتصار على رتبةٍ واحدةٍ (?) كالاقتصار على الصَّلاح، فلا معنى لقولكم: يجبُ مراعاة الأصلح، إذ لا نهاية له، فلا يمكنُ في العقل (?) رعايتُه.

الإلزام الثَّامن عشر: أنَّ الإيجابَ والتَّحريمَ يقتضي سؤال الموجِب المحرِّم لمن أوجَب عليه وحرَّم: هل فَعَل مقتضى ذلك أم لا؟ وهذا محالٌ في حقِّ من لا يُسْألُ عمَّا يفعل، وإمْا يُعْقَلُ في حقِّ المخلوقين وأنهم يُسْألون.

وبالجملة؛ فتحتُم بهذه المسألة طريقًا للاستغناء عن النُّبوَّات (?)، وسلَّطتم بها الفلاسفةَ والصَّابئةَ والبَراهِمة وكُلَّ منكِرٍ للنُّبوَّات، فهذه المسألةُ بابٌ بيننا وبينهم (?)؛ فإنكم إذا زعمتم أنَّ في العقل حاكمًا يحسِّن ويقبِّح، ويوجبُ ويحرِّم، ويتقاضى الثَّوابَ والعقاب، لم تكن الحاجةُ إلى البعثة ضروريَّة، لإمكان الاستغناء عنها بهذا الحاكم.

ولهذا قالت الفلاسفةُ- وزادت عليكم حجَّةً وتقريرًا -: قد اشتمل الوجودُ على خيرٍ مطلق، وشرٍّ مطلق، وخيرٍ وشرٍّ ممتزجَيْن (?)، والخيرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015