وقد عُرِفَ بهذا أنَّ من نفى قول الله وكلامه فقد نفى التكليفَ جملةً، وصار مِنْ أخبث القدريَّة وشرِّهم مقالةً؛ حيث أثبتَ تكليفًا وإيجابًا وتحريمًا بلا أمرٍ ولا نهيٍ ولا اقتضاءٍ ولا طلب، وهذه قَدَرِيةٌ (?) في حقِّ الربِّ تعالى، وأثبتَ فعلًا وطاعةً ومعصيةً بلا فاعلٍ ولا مُحْدِث، وهذه قَدَرِيةٌ في حقِّ العبد؛ فليتنبَّه لهذه الدَّقيقة (?).

قالوا: وأيضًا، فما مِنْ معنًى يُستنبطُ من قولٍ أو فعلٍ ليُربَط به حكمٌ مناسبٌ له إلا ومن حيث (?) العقل يعارضُه آخرُ يساويه في الدَّرجة، أو يَفْضل عليه في المرتبة، فيتحيَّر العقلُ في الاختيار، إلى أن يَرِدَ شرعٌ يختارُ أحدَهما، أو يرجِّحه من تلقائه، فيجبُ على العاقل اعتبارُه واختيارُه لترجيح الشَّرع له، لا لرُجْحانه في نفسه.

ونضربُ لذلك مثالًا، فنقول: إذا قتل إنسانٌ إنسانًا مثله، عَرَض للعقل الصَّريح هاهنا آراءُ متعارضةٌ مختلفة، منها: أنه يجبُ أن يُقتَل قصاصًا؛ ردعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015