والمقرونُ بالمكروه مكروه، بل الإنسانُ إذا جالس من عَشِقَه في مكانٍ فإذا انتهى إليه أحسَّ في نفسه تفرِقةً بين ذلك المكان وغيره (?).
قال الشاعر (?):
أمرُّ على الدِّيارِ ديارِ ليلى ... أقبِّلُ ذا الجِدارَ وذا الجِدارا
وما حُبُّ الدِّيارِ شَغَفْنَ قلبي ... ولكنْ حُبُّ من سَكَنَ الدِّيارا
وقال ابنُ الرُّومي (?) منبِّهًا على سبب حبِّ الأوطان:
وحَبَّبَ أوطانَ الرِّجالِ إليهمُ ... مآربُ قَضَّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذَكَرُوا أوطانهمْ ذَكَّرَتهمُ ... عُهودًا جَرَت فيها فحَنُّوا لذلكا
قالوا: وشواهدُ ذلك مما يكثُر، وكلُّ ذلك مِنْ حُكم الوهم (?).
قالوا: وأمَّا الصَّبرُ على السَّيف في تركه كلمةَ الكفر مع طمأنينة النَّفس فلا يستحسنُه جميعُ العقلاء لولا الشَّرع، بل ربَّما استقبحوه، فإنما يستحسنُه من ينتظر الثَّوابَ على الصَّبر أو من ينتظر الثَّناءَ عليه بالشَّجاعة والصَّلابة في الدِّين، فكم من شجاع رَكِب متنَ الخطر وهَجَم على عددٍ (?) وهو يعلمُ أنه لا يطيقهم، ويستحقِرُ ما يناله من الألم؛ لِمَا يعتاضُه مِن توهُّم الثَّناء والحمد ولو بعد موته.