الأُولى: أنَّ الإنسان يُطْلِقُ اسمَ القُبح على ما يخالفُ غرضَه، وإن كان يوافقُ غرضَ غيره، من حيث إنه لا يلتفتُ إلى الغير، فإنَّ كلَّ طبعٍ مشغوفٌ بنفسه ومستحقِرٌ لغيره، فيقضي بالقُبح مطلقًا، وربَّما يضيفُ القُبحَ إلى ذات الشيء ويقول: هو في نفسه قبيح.

فقد قضى بثلاثة أمورٍ هو مصيبٌ في واحدٍ منها وهو أصلُ الاستقباح، ومخطئٌ في أمرين:

أحدهما: إضافةُ القُبح إلى ذاته، وغَفَل عن كونه قبيحًا لمخالفة غرضه.

والثَّاني: حكمُه بالقُبح مطلقًا، ومنشؤه عدمُ الالتفات إلى غيره، بل عدمُ الالتفات (?) إلى بعض أحوال نفسه، فإنه قد يستحسِنُ في بعض الأحوال عينَ ما يستقبحُه إذا اختلف الغرض.

الغلطة الثَّانية: سببُها أنَّ ما هو مخالفٌ للغَرض (?) في جميع الأحوال إلا في حالة نادرةٍ قد لا يلتفتُ الوهمُ إلى تلك الحالة النَّادرة، [بل لا يخطُر بالبال، فيراه مخالفًا في كل الأحوال، فيقضي بالقبح مطلقًا؛ لاستيلاء أحوال قُبحه على قلبه، وذهاب الحالة النادرة] (?) عن ذِكْره، كحُكمِه على الكذب بأنه قبيحٌ مطلقًا، وغفلته عن الكذب الذي يستفادُ منه عصمةُ نبيٍّ أو وليٍّ.

وإذا قضى بالقُبح مطلقًا، واستمرَّ عليه مدَّةً، وتكرَّر ذلك على سمعه ولسانه، انغَرس في قلبه استقباحٌ منفِّر (?)، فلو وقعت تلك الحالةُ النَّادرةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015