وتقريرُ هذه الحجَّة: أنَّ حُسْنَ الفعل وقبحَه لا يجوزُ أن يكون لغير نفس الطَّلب، بل لا معنى لحُسْنه إلا كونُه مطلوبًا للشارع إيجادُه، ولا لقُبحه إلا كونُه مطلوبًا له إعدامُه، لأنَّه لو حَسُنَ وقَبُحَ لمعنًى غير الطَّلب الشرعيِّ لم يكن الطَّلبُ متعلِّقًا بالمطلوب لنفسه، بل كان التعلُّق لأجل ذلك المعنى، فيتوقَّفُ الطَّلبُ على حصول الاعتبار الزَّائد على الفعل.

وهذا باطل؛ لأنَّ التعلُّق نسبة بين الطَّلب والفعل، والنسبةُ بين الأمرين لا تتوقَّفُ إلا على حصولهما، فإذا حَصَل الفعلُ تعلَّق الطَّلبُ به، سواءٌ حصل فيه اعتبارٌ زائدٌ على ذاته أو لا.

فإن قلتم: الطَّلبُ وإن لم يتوقَّف إلا على الفعل المطلوب والفاعل المطلوب منه (?)، لكنَّ تعلُّقه بالفعل متوقِّفٌ على جهة الحُسْن والقُبح المقتضي لتعلُّق الطَّلب به.

قلنا: الطَّلبُ قديم، والجهةُ الموجِبةُ للحُسن والقُبح حادثة، ولا يصحُ توقُّف القديم على الحادث.

وسرُّ الدَّليل: أنَّ تعلُّق الطلب بالفعل ذاتيٌّ، فلا يجوز أن يكون معلَّلًا بأمرٍ زائدٍ على الفعل، إذ لو كان تعلُّقه به معلَّلًا لم يكن ذاتيًّا.

وهذا وجهُ تقرير هذه الشُّبهة وإن كان كثيرٌ من شُرَّاح "المختصر" (?) لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015