الفلاسفة وغيرهم إلى الاعتراض على هذا المعاد الذي جاءت به الرسلُ بحرفٍ واحد، وإنما اعتراضاتهم على المعاد الذي علية طائفةٌ من المتكلِّمين أنَّ الرسلَ جاؤوا به، وهو أنَّ الله يُعْدِمُ أجزاءَ العالم العُلويِّ والسُّفليِّ كلَّها، فيجعلُها عدمًا محضًا، ثمَّ يعيدُ ذلك العدم وجودًا (?).
ويا ليت شِعْري أين في القرآن والسنَّة أنَّ الله يُعْدِمُ ذرَّات العالم وأجزاءه جملةً، ثمَّ يقلِبُ ذلك العدم وجودًا؟ !
وهذا هو المعادُ الذي أنكرته الفلاسفةُ ورمتهُ بأنواع الاعتراضات وضروب الإلزامات، واحتاج المتكلِّمون إلى تعسُّف الجواب وتقريره (?) بأنواع من المكابرات.
وأمَّا المعادُ الذي أخبرت به الرسلُ فبريءٌ من ذلك كلِّه، مصُونٌ عنه، لا مطمع للعقل في الاعتراض عليه، ولا يقدحُ فيه شبهةً واحدة.
وقد أخبر سبحانه أنه يحيي العظامَ بعد ما صارت رميمًا، وأنه قد عَلِمَ ما تنقُص الأرض من لحوم بني آدم وعظامهم، فيردُّ ذلك إليهم عند النَّشأة الثَّانية، وأنه ينشِئ تلك الأجساد بعينها بعد ما بَلِيَت نشأةً أخرى، ويَردُّ إليها تلك الأرواح؛ فلم يدلَّ القرآنُ على أنه يُعْدِم تلك الأرواح ويُفْنِيها حتى تصير عدمًا محضًا ثمَّ يخلقها خلقًا جديدًا (?)، ولا دلَّ على أنه يُفْنِي الأرضَ