النَّسخ على الفعل، لأنَّ ما ثبت للذَّات فهو باقٍ ببقائها لا يزولُ وهي باقية.

ومعلومٌ أنَّ الكذبَ يكونُ حسنًا إذا تضمَّن عصمةَ نبيٍّ (?) أو مسلمٍ، ولو كان قبحُه ذاتيًّا له لكان قبيحًا أين وُجِد.

وكذلك ما نُسِخ من الشريعة لو كان حُسْنُه لذاته لم يَسْتَحِلْ قبيحًا، ولو كان قبحُه لذاته لم يَسْتَحِلْ حسنًا بالنَّسخ.

قالوا: وأيضًا، لو كان ذاتيًّا لاجتمع النقيضان في صِدْق من قال: "لأكذِبنَّ غدًا" وكَذِبِه؛ فإنه لا يخلو إمَّا أن يكذِبَ في الغد، أو يصدُق:

فإن كَذَبَ لزم قبحُه لكونه كذبًا، وحُسْنُه لاستلزامه صِدْقَ الخبر (?) الأوَّل، والمستلزمُ للحُسْن حَسَن؛ فيجتمعُ في الخبر الثاني الحُسْن والقُبح، وهما نقيضان.

وإن صَدَق لزم حُسْنُ الخبر الثَّاني من حيث إنه صدقٌ في نفسه، وقبحُه من حيث إنه مستلزمٌ لكذب الخبر الأوَّل؛ فلَزِم النقيضان.

قالوا: وأيضًا فلو كان القتلُ والجلدُ وقطعُ الأطراف قبيحًا لذاته أو لصفةٍ لازمةٍ للذات لم يكن حسنًا في الحدود والقصاص؛ لأنَّ مقتضى الذات لا يتخلَّفُ عنها، فإذا تخفَف فيما ذكرنا من الصُّور وغيرها دلَّ على أنه ليس ذاتيًا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015