وأصحابهم فِي دروسهم ومناظراتهم وتصانيفهم للرَّدّ عَلَيْهِم، وسأسوق إِن شَاءَ الله تَعَالَى جملَة من ذَلِك وَالله الْمُوفق.
قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الرسَالَة وَنَقله عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل: قد وضع الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دينه وفرضه وَكتابه الْموضع الَّذِي أبان جلّ ثَنَاؤُهُ أَنه جعله علما لدينِهِ. بِمَا افْترض من طَاعَته وَحرم من مَعْصِيَته وَأَبَان من فضيلته. بِمَا قرن بَين الْإِيمَان بِرَسُولِهِ الْإِيمَان بِهِ فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} وَقَالَ عز وَجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} فَجعل كَمَال ابْتِدَاء الْإِيمَان الَّذِي مَا سواهُ تبع لَهُ الْإِيمَان بِاللَّه ثمَّ بِرَسُولِهِ مَعَه. قَالَ الشَّافِعِي: فَفرض الله على النَّاس اتِّباع وحيه وَسنَن رَسُوله، فَقَالَ فِي كِتَابه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ، مَعَ آي سواهَا ذكر فِيهِنَّ الْكتاب وَالْحكمَة. قَالَ الشَّافِعِي: فَذكر الله الْكتاب وَهُوَ الْقُرْآن، وَذكر الْحِكْمَة، فَسمِعت من أرضاه من أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ يَقُول: الْحِكْمَة سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا