بَادِرْ بِهَذَا الدَّوَا مِنْ قَبْلِ مَيْتَتَهِ ... فَمَا لِسَهْمِ الْقَضَا مِنْ دُونِهِ جُنَنُ
وَرُبَّ شَخْصٍ تَوَفَّى قَبْلَهُ وَثَوى ... فِي صَدْرِهِ فَهْوَ قَبْرٌ وَالْحَشَا كَفَنُ
تَرَاهُ فِي النَّاسِ يَمْشِي حَامِلًا جَدَثًا ... فَهَلْ بِأَعْجَبِ مِنْ هَذَا أَتَى الزَّمَنُ
فَأَسْأَلُ اللَّهَ تَوْفِيقًا يَكُونُ بِهِ ... حُسْنُ الْخِتَامِ فَفِيهِ الْفَوْزِ مُرْتَهَنُ
فَفِي الصَّلَاةِ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى وَعَلَى ... الْآلِ الْكِرَامِ مَعَ التَّسْلِيمِ يَقْتَرِنُ
وقال بعضهم يخاطب نفسه ويوبخها على تفريطها وإهمالها:
يَا نَفْسُ هَذَا الَّذِي تَأْتِينَهُ عَجَبُ ... عِلْمٌ وَعَقْلٌ وَلَا نُسْكٌ وَلَا أَدَبُ
وَصْفُ النِّفَاقِ كَمَا فِي النَّصِّ نَسْمَعُهُ ... عِلْمُ اللِّسَانِ وَجَهْلُ الْقَلْبُ وَالسَّبَبُ
حُبُّ الْمَتَاعِ وَحُبُّ الْجَاهِ فَانْتَبِهِي ... مِنْ قَبْلُ تُطْوَى عَلَيْكَ الصُّحُفُ وَالْكُتُبُ
وَتُصْبِحِينَ بِقَبْرٍ لَا أَنِيسَ بِهِ ... الْأَهْلُ وَالصَّحْبُ لَمَّا أَلْحَدُوا ذَهَبُوا
وَخَلَّفُوكَ وَمَا أَسْلَفْتَ مِنْ عَمَلٍ ... الْمَالُ مُسْتَأْخَرُ وَالْكَسْبُ مُصْطَحَبُ
وَاسْتَيْقِنِي أَنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ مُجْتَمَعًا ... لِلْعَالَمِينَ فَتَأْتِي الْعُجْمُ وَالْعَرَبُ
وَالْخَلْقُ طُرًّا وَيَجْزِيهِمْ بِمَا عَمِلُوا ... فِي يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ الْأَمْوَالُ وَالْحَسَبُ
وَاخْشَيْ رُجُوعًا إِلَى عَدْلٍ تَوَعَّدَ مَنْ ... لَا يَتَّقِيهِ بِنَارٍ حَشْوُهَا الْغَضَبُ
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْأَحْجَارُ حَامِيَةٌ ... لَا تَنْطَفِي أَبَدَ الْآبَادِ تَلْتَهِبُ
وَالْبُعْدُ عَنْ جَنَّةِ الْخُلْدِ الَّتِي حُشِيَتْ ... بِالطِّيِّبَاتِ وَلَا مَوْتٌ وَلَا نَصَبُ
فِيهَا الْفَوَاكِهُ وَالْأَنْهَارُ جَارِيَةٌ ... وَالنُّورُ وَالْحُورُ وَالْوِلْدَانُ وَالْقُبَبُ
وَهَذِهِ الدَّارُ دَارٌ لَا بَقَاءَ لَهَا ... لَا يَفْتِنَّنَكَ مِنْهَا الْوَرِقُ وَالذَّهَبُ
وَالْأَهْلُ وَالْمَالُ وَالْمَرْكُوبُ تَرْكَبُهُ ... وَالثَّوْبُ تَلْبَسُهُ فَالْكُلُّ يَنْقَلِبُ
لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا سِوَى عِوَضٍ ... مِنْهَا يَعُدُّ إِذَا مَا عُدَّتْ الْقُرُبُ