والإرداء ولا يثمران إلا بالاستسلام المحض للمتابعة، فهذه الأركان الثلاثة هي أصول الطريق التي من لم يبن عليها سيره، فهو مقطوع، ومن اجتمعت له فهو السابق الذي لا يجارى، وذلك فضل الله.
82) المطلوب من العبد الاستقامة على عبودية الله، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، فإن نزل عنها فالتفريط والإضاعة.
83) ولا يتم التوكل الكامل إلا بمعرفة الله وصفاته وأفعاله وإثبات الأسباب والاجتهاد فيها، وقوة الاعتماد على الله والاستناد إليه والسكون، بحيث لا يبقى القلب مضطربًا من تشويش الأسباب، ولا بد من حسن الظن والثقة بالله في نيل ما توكل العبد على الله فيه، والتفويض إلى الله واستسلام القلب له، ويتوكل على الله في كل مطلوب حصوله أو دفع مكروه، وأفضل التوكل ما كان في حصول خير ديني خاص أو عام.
84) الصبر ثلاثة أقسام: صبر على طاعة الله، وصبر على معصية الله، وصبر على امتحان الله، فالأول صبر على ما يتعلق بالكسب، والثالث صبر على ما لا كسب للعبد فيه، وصبر الاختيار أكمل من صبر الاضطرار، وتمام الصبر أن يكون كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ} [الرعد: 22] . وأقواه أن يكون بالله معتمدًا فيه عليه لا على نفسه ولا على غيره من الخلق.
سمعت شيخ الإسلام يقول: الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه، والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه.
85) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً» ، وقال: «من قال حين يسمع النداء: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا غفرت له ذنوبه» . وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهما ينتهي، وقد تضمنها الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته،