قيل إنه مرض قيس بن سعد بن عباده أحد الكرماء فاستبطأ إخوانه في عيادته فسأل عنهم فقالوا: إنهم يستحيون لما لك عليهم من الدين.
فقال: أخزي الله مالا يمنع الإخوان عن الزيارة.
ثم أمر مناديا ينادي من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل.
فكسرت عتبة داره بالعشي لكثرة عواده.
وأتى رجل صديقا ودق عليه الباب فلما خرج قال: لماذا جئتني؟ قال: لأربعمائة درهم دين علي فدخل الدار ووزن له أربعمائة درهم وسلمها له ودخل الدار يبكي فقالت امرأته: هلا تعللت واعتذرت حين شق عليك الإجابة؟
فقال: إنما أبكي لأني غفلت عنه ولم أتفقد حاله حتى احتاج أن يفاجئني به.
وحكي عن حذيفة العدوي قال: انطلقت يوم اليرموك لطلب ابن عم لي ومعي شيء من ماء وأنا أقول إن كان به رمق سقيته ومسحت وجهه فإذا أنا به فقلت: أسقيك فأشار إلي نعم فإذا رجل يقول آه فقال ابن عمي: انطلق إليه.
فجئت إليه فإذا هو هشام بن العاص فقلت أسقيك فسمع هشام آخر يقول آه فقال: انطلق به إليه فجئت إليه فإذا هو قد مات.
ثم رجعت إلى هشام فإذا هو أيضا قد مات.
ثم رجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات.
إِلَى كَمْ ذَا التَّرَاخِي وَالتَّمَادِي ... وَحادي المَوْت بِالأرْوَاحِ حَادي
فَلَوْ كُنَّا جَمَادًا لاَتَّعَظْنَا ... وَلَكِنا أَشَدُّ مِن الْجَّمَادِ
تُنَاديِنا الْمَنِيَّةُ كُلَّ وَقْتٍ ... وَمَا نُصْغَي إِلَى قَولِ الْمُنَادَي
وَأَنْفَاسُ النُّفُوسِ إِلَى انتِقَاصٍ ... وَلَكِن الذُّنُوبَ إِلَى ازْدِيَادِ