وَكُلُّ مَنْ حَلَّ فِي الدُّنْيَا فَمُرْتَحِلُ ... يَوْمًا لمنْزِلة فِي إثْرِ مُرْتَحِلِ
هَلا اعْتَبَرتَ فَكَمْ حلوا وَكم رَحِلُوا ... وإِنَّمَا النَّاس فِي حِلٍّ وَمرتَحَلِ
إذَا تَجَهَّم أَمر لاَ مَرَدَّ لَهُ ... لَمْ يُغْنِ عَنْكَ اقْتِنَاءُ الْمَالِ وَالْحُلُلِ
يَقُومُ عَنْكَ الأَطْبَّاءُ وَالصَّدِيْقُ إِذًا ... وَقَد طَوَوا صُحُفَ التَّدْبِيْرِ وَالْخَيُلِ
فَيَدْرجُونَكَ فِي الأَكْفِانِ مُنْتزعًا ... عَنْكَ الثِّيَابُ مِن الأَبْرادِ وَالْحُلَلِ
وَيودعُونَكَ تَحْتَ الأَرْضِ مُنْفَردًا ... وَيَتْركُونَكَ مَحْجُوبًا مِن الْمُقِلِ
وَقَائِلُ مِنْهُمُ قَدْ كَانَ خَيْرَ أَبٍ ... وَقَائِل مَنْهُم قَدْ كَانَ خَيْرَ وَلِي
فَبَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَدْرُونَ مَا فَقَدُوا ... وَهَمُّهُم فِي اقْتِسَامِ الإرْثِ بِالْجَدَلِ
وَبَعْضُهُم مَعَ بَعْضٍ فِي مُخَاصَمَةٍ ... وَإِنَّهُم بَيْنَ مَنْصُورٍ وَمُنْخَذِلِ
ويَأخُذُونَ قَرِيْبًا فِي مَعَايِشِهِمْ ... لاَ يَذْكُرُوْنَكَ فِي خِلْوٍ وَمُحْتَفَلِ
يَا أَيُّهَا الغرُّ لاَ تَغُرُرْكَ صُحْبَتُهُمْ ... خَيْرُ الْمُصَاحبِ عِنْديّ صَالِحُ العَمَلِ
فِيْمَ التَّغَافُلُ وَالأَيَّامُ دَائِرة ... فِيْمَ التَّكَاسُلُ وَالأحوالُ فِي حَوَلِ
فِيْمَ العَويلُ لدى دَار خَلَتْ وَعَفَّتْ ... فِيْمَ البُكَاءُ عَلَى الآَثَارِ وَالطُّلَلِ
فِيْمَ التَّصَابِي وَأَيَّام الصِبَا غَبَرَتْ ... فِيْمَ النَّسْيبُ وَلاَ إِبانَ لِلْغَزلِ
فكَيْفَ تَلْعَبُ وَالْخَمْسُونَ قَدْ كَمُلَتْ ... وَكَيْفَ تَلْهُوْ وَنَارُ الشَّيْبِ فِي شُعَلِ
دَعْ ذِكْر لَيْلَى وَلِبنَى وَازَدِيَادِهِمَا ... ثَم ارتِحَالِهما مِن هَذِه الْحلِلِ
تِلْكَ الغَوِانِي وَإنْ أَخْلَصْنَ خُلّتَها ... وَاللهِ لَسْنَ بَرْيِئاتٍ مِن الدَّخِلِ
حُبُّ الأَحِبَّةِ حِرمَانِ وَمَنَدمَةٌ ... فَالغُولُ عَاقِبْةً للشَّاربِ الثَّمِلِ
يَا رَبَّ صَلِّ وَسَلَّم دَائِمًا أَبَدًا ... عَلَى نَبيِّكَ طَهَ سِيِّدِ الرُّسُلِ