بصالحية دمشق، وضربهم بالمقارع وأشهرهم في جنازير، وذلك بعد أن كبس المدرسة فهربوا منه للجبل، فمسك منهم بعض أنفس، ثم وضع الجميع في الحبس، وسبب ذلك أن صبياً، يقال له ابن موسك، ختم في جامع الحنابلة الذي في الصالحية، فلما فرغ الصبي من الختم، قامت العامة على عادتهم يخطفون الشمع، فقام شخص من المدارسة ليضرب، فجاء الضرب على القناديل فكسرهم فانكب الزيت على خلعة الصبي، فشكوا للنائب، فحصل من قال للنائب، وهو القاضي نجم الدين بن مفلح، هؤلاء من المدارسة مناحيس، فوقع ما تقدم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي سابع شوال منها، توفي القاضي صلاح الدين بن كبك، قاضي ثغر دمياط والصعيد، ولم يصلّ عليه بدمشق صلاة الغائب.
وفي يوم الجمعة رابع عشريه توفي الإمام العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، جامع أشتات الفضائل، شمس الدين محمد بن حامد الصفدي، وكان كثير الذكر والعبادة، وله مواعيظ، وله يد في سائر العلوم، حتى في علم الميقات ووضع الآلات والبسائط وغيرها، وتوفي بمدينة صفد، وكان يتهم بحب ابن عربي وهو قليل التفوه به، ومولده سنة ثمان وثمانمائة، وصلي عليه بالجامع الأحمر جوار منزله وكانت له جنازة حافلة.
وفي يوم السبت ثالث ذي القعدة منها، توفي التقي بن الأيدوني، ويحكى عنه حكايات من جهة البخل. وفي يوم الأربعاء رابع عشره توفي الشيخ شمس الدين الزحلي، المؤذن بالجامع الأموي، ويحكي عنه حكايات من جهة الكرم، ودفنا بمقبرة باب الصغير. - وفي خامس عشريه وقع سيل عظيم بمكة المشرفة حتى هدم عواميد المطاف، ووجد في الحرم أكثر من سبعين رجلاً ماتوا بالغرق، وخرب نحو ثلاثمائة بيت، وبلغ السيل سبعة أذرع على ما أخبر بذلك قاضي القضاة محب الدين الحنفي.
وفي يوم الخميس رابع عشر ذي الحجة منها، تولى الأمير آقبردي أستادار السلطان بدمشق، عوضاً عن الأمير إبراهيم بن شاد بك الجلباتي، وكان أقبردي المذكور له سنين في حبس القلعة بدمشق، فورد المرسوم بالإفراج عنه يوم الأربعاء ثالث عشره، ولبس ثاني يوم؛ ثم بعد ذلك بأيام هرب الأمير إبراهيم المذكور من دمشق ليلاً إلى عند العرب، وأخذ عياله ونساءه، فأصبح أرباب الدولة والحكام ليطالبوه فلم يجدوا أحداً، فسافر ملك الأمراء قجماس