على القارئ أن يعيش القرآن، وأن تتجدد مذاقاته وحياته من الحياة به، وأن يكتشف المزيد والجديد من الحقائق المعاشة والمقررات الثابتة ..
عليه أن ينظر فى رصيده من هذه الحقائق والمعانى والمقررات، وأن يحرص على تنميتها وزيادتها، بدل أن تنقص وتضعف وتذوى وتتلاشي ..
إن القارئ فى هذا الأمر أمام إحدى حالات ثلاث:
الأولى: أن يكتشف أن رصيده من المعانى والتوجيهات القرآنية قد نقص عن السابق، وأن عودته الثانية للآية لا تقارب أو تدانى قراءته الأولى لها، وأن ما يجده الآن منها أقل بكثير مما وجده فى أول مرة، وأن ما حصله منه يتناقص ويتناقص، وهو فى طريقه إلى الزوال والنفاد .. فإذا كان كذلك فهو محجوب عن القرآن ولا بد أن يسعى إلى الحياة به من جديد.
الثانية: أن يكتشف أن رصيده كما هو لم يتغير بزيادة أو نقصان، وأن المعلومات بقيت عنده كما هى، وأنه عاجز عن أن يضيف إليها الجديد، أو أن يرفدها بالمفيد .. وهذا كذلك محجوب عن القرآن، وما سبق تحصيله منه تجمد وتحجر، وأنه قد أسن وتغير، وأنه محاصر فى زنزانة القعود والفتور والضعف والمعصية، ومعنى هذا أن حياة العلم والتدبر والفهم عنده جامدة، وأن حركته به متوقفة، وأن نموه العلمى والإيمانى بقى عند حالة واحدة عجز عن تجاوزها .. وعلى هذا القارئ أن يسعى إلى بث الحياة فى معلوماته ومكتسباته، وإلى أن يضيف إليها روحا جديدا ونورا جديدا ومعانى جديدة .. وذلك عن طريق توثيق صلته بالقرآن وحسن تعامله معه وإقباله عليه وتلقيه عنه ..
الثالثة: أن يكتشف أن رصيده قد ازداد، وأن هذه العودة الثانية