. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنَّا بِفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ.

أَمَّا إذَا تَمَكَّنُوا مِنْ الْقِتَالِ أَوْ بَذْلِ مَالٍ فَلَا يَتَحَلَّلُونَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ طُلِبَ مِنْهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ بَذْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَلَّ: أَيْ قِلَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى أَدَاءِ النُّسُكِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَنَحْوُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالثَّلَاثِ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ أَجْلِهَا. وَيُكْرَهُ بَذْلُ مَالٍ لِكَافِرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّغَارِ بِلَا ضَرُورَةٍ. وَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَا تَحْرُمُ الْهِبَةُ لَهُمْ. أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يُكْرَهُ بَذْلُهُ لَهُمْ. وَالْأَوْلَى قِتَالُ الْكُفَّارِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِيَجْمَعُوا بَيْنَ الْجِهَادِ وَنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَإِتْمَامِ النُّسُكِ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَجِبْ إذَا كَانُوا مِثْلَيْنَا فَأَقَلَّ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الثَّبَاتُ لَهُمْ فِي غَيْرِ الصَّفِّ كَمَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ. وَيَجُوزُ لِلْمُحْصَرِ إذَا أَرَادَ الْقِتَالَ لُبْسُ الدِّرْعِ وَنَحْوِهِ وَيَفْدِي وُجُوبًا كَمَا لَوْ لَبِسَهُ الْمُحْرِمُ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. وَالْأَوْلَى لِلْمُحْصَرِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ التَّحَلُّلِ وَكَذَا لِلْحَاجِّ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ. وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّعَجُّلُ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْحَجِّ وَتَيَقَّنَ زَوَالَ الْحَصْرِ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ بَعْدَهَا أَوْ فِي الْعُمْرَةِ وَتَيَقَّنَ قُرْبَ زَوَالِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ امْتَنَعَ تَحَلُّلُهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِنَصٍّ فِي الْبُوَيْطِيِّ. فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ التَّحَلُّلِ فِيمَا إذَا أَحَاطَ بِهِمْ الْعَدُوُّ مِنْ الْجَوَانِبِ كُلِّهَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ يَسْتَفِيدُونَ بِهِ الْأَمْنَ مِنْ الْعَدُوِّ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي تَقْيِيدَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَانِعُونَ فِرَقًا مُتَمَيِّزَةً لَا تَعْضُدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُونَ لِجَمِيعِ الْجَوَانِبِ فِرْقَةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ التَّحَلُّلُ فَتَفَطَّنْ لَهُ اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِمَا فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ إتْمَامِ النُّسُكِ مِنْ الْمَشَقَّةِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَتَنَاوَلُ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْوُقُوعِ دُونَ الْبَيْتِ وَعَكْسَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ فِي الْحَالِ، فَفِي الْأُولَى يَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَفِي الثَّانِيَةُ يَقِفُ ثُمَّ يَتَحَلَّلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَقَرَّهُ، وَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا قَضَاءَ، وَخَرَجَ بِالْأَرْكَانِ مَا لَوْ مُنِعَ مِنْ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ نُسُكِهِ، وَالرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ، وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْإِحْصَارِ عَنْ الطَّوَافِ، أَنَّ الْحَائِضَ إذَا لَمْ تَطُفْ لِلْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ حَتَّى تَطْهُرَ وَجَاءَتْ بَلَدَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَعَدِمَتْ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ إلَى الْبَيْتِ أَنَّهَا كَالْمُحْصَرِ فَتَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالذَّبْحِ وَالتَّقْصِيرِ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِيمَنْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ وَوَجَدَ آخَرَ أَطْوَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَفَقَةٌ تَكْفِيهِ لِذَلِكَ الطَّرِيقِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ، وَذَكَرَ الْبَارِزِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْتُ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا أَعَدْتُهَا لِئَلَّا يُغْفَلَ عَنْهَا فَإِنَّهَا مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَيُتَفَطَّنُ لَهَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ. يُمْكِنُهُ سُلُوكُهُ وَوَجَدَ شَرَائِطَ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ ذَلِكَ الطَّرِيقِ، سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْفَوْتَ، وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، فَلَوْ فَاتَهُمْ الْحَجُّ لِطُولِ الطَّرِيقِ الْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ. وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ حَصْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015