وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ، وَكَذَا الْحَجُّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ، وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ دُبُرٍ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ زَوْجِهَا الْمُحْرِمِ مِنْ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ جِمَاعُ زَوْجَتِهِ الْمُحْرِمَةِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَا يَحْرُمُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ تَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَكَذَا الِاسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ إنْ أَنْزَلَ، لَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ جَامَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لِدُخُولِهِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) الْمُفْرَدَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُفْرَدَةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ صِحَّةً وَفَسَادًا (وَكَذَا) يَفْسُدُ (الْحَجُّ) بِالْجِمَاعِ الْمَذْكُورِ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) قَبْلَ الْوُقُوفِ بِإِجْمَاعٍ وَبَعْدَهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا صَحِيحًا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ فَأَشْبَهَ مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَامِعُ فِي الْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَجِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا رَفَثَ} [البقرة: 197] أَيْ لَا تَرْفُثُوا، فَلَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ إذْ لَوْ بَقِيَ عَلَى الْخَبَرِ امْتَنَعَ وُقُوعُهُ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ إخْبَارَ اللَّهِ تَعَالَى صَدَقَ قَطْعًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ كَثِيرًا وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ اقْتِضَاءُ الْفَسَادِ، وَقَاسُوا الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ. أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فَلَا يَفْسُدُ ذَلِكَ بِجِمَاعِهِ وَكَذَا النَّاسِي وَالْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قُيِّدَ فِي الْحَجِّ خَاصَّةً كَمَا تَقَرَّرَ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا وَقَعَ الْجِمَاعُ بَعْدَهُ، فَإِنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِهِ وَكَذَا الْعُمْرَةُ التَّابِعَةُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: تَفْسُدُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُهُ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ النَّزْعِ صَحَّ فِي أَحَدِ الْأَوْجُهِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ (وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ عَلَى الرَّجُلِ (بَدَنَةٌ) بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ مَسْأَلَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: أَنْ يُجَامِعَ فِي الْحَجِّ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يُجَامِعَ ثَانِيًا بَعْدَ جِمَاعِهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ، فَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ شَاةٌ، وَبِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَإِنْ شَمِلَتْهَا عِبَارَتُهُ فَإِنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ الْمَارِّ فِي الصَّوْمِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ، مُحْرِمًا أَمْ حَلَالًا، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُحْرِمَةً دُونَهُ أَنَّ عَلَيْهَا الْفِدْيَةَ، وَلَنَا هُنَا طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِاللُّزُومِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَقِيلَ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْهَا فَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَدَنَةَ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ الْمُرَادُ بِهَا الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ فِي سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَلَا تُطْلَقُ هَذِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا. وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ: إنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ فِي التَّهْذِيبِ وَالتَّحْرِيرِ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الشَّاةِ وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْبَدَنَةَ فَبَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَسَبْعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا قَوَّمَ الْبَدَنَةَ وَاشْتَرَى بِقِيمَتِهَا طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُ مَرَاتِبِ الدِّمَاءِ (وَ) يَجِبُ (الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) أَيْ