فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ، وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ وَقْتِهِ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ، وَيَوْمُ النَّحْرِ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْإِحْرَامُ فَكَذَا لَيْلَتُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ حَجًّا بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ.
(فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ) أَيْ الْحَجِّ حَلَالٌ (فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) كَأَنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا (انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ بِذَلِكَ (عُمْرَةً) مُجْزِئَةً عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَاللُّزُومِ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَقْتَ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ إلَى مَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ الْعُمْرَةُ، وَلِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ قَصْدُ الْحَجِّ فِيمَا إذَا نَوَاهُ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِحْرَامِ، وَالْعُمْرَةُ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ عُمْرَةً بَلْ يَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّمَانَيْنِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْحَجِّ، وَخَرَجَ بِحَلَالٍ مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، فَإِنَّ إحْرَامَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، وَلَا عُمْرَةً لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصَّحِيحِ دُونَ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طُرُقِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَوْ قَبْلَهَا. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلْعُمْرَةِ جَمِيعُ السَّنَةِ كَمَا قَالَ (وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا، فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ: أَيْ فِي ثَلَاثِ أَعْوَامٍ، وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ عَائِشَةُ، وَأَنَّهُ قَالَ «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا " حَجَّةً مَعِي ". وَرُوِيَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ وَفِي شَوَّالٍ فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ، وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِحْرَامُ بِهَا فِي أَوْقَاتٍ مِنْهَا، مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ فَإِنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحَجِّ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ نَفْرِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ: فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا.
قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَلَيْسَ لَنَا مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ حَلَالٌ، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ إلَّا هَذَا، وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا وَهُوَ مُجَامِعٌ لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا امْتِنَاعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إجْمَاعٌ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ إذَا قَصَدَ تَرْكَ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ