وَنَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ.
وَأَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ وَالْقُبْلَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَدِيثُ «خَمْسٌ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الْغِيبَةُ، وَالنَّمِيمَةُ» إلَى آخِرِهِ ضَعِيفٌ وَإِنْ صَحَّ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَالْمُرَادُ بُطْلَانُ الثَّوَابِ لَا الصَّوْمِ. قَالَ: وَمِنْ هُنَا حَسُنَ عَدُّ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مِنْ آدَابِ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مُطْلَقًا، فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ. لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» يَقُولُ بِقَلْبِهِ لِنَفْسِهِ لِتَصْبِرْ وَلَا تُشَاتِمْ فَتَذْهَبَ بَرَكَةُ صَوْمِهَا كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ، أَوْ بِلِسَانِهِ بِنِيَّةِ وَعْظِ الشَّاتِمِ وَدَفْعِهِ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمْعٍ وَصَحَّحَهُ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ جَمَعَهُمَا فَحَسَنٌ. وَقَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إمْسَاكِ صَاحِبِهِ عَنْهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ مَرْدُودٌ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ.
فَائِدَةٌ: سُئِلَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ كَمْ وَجَدْتَ فِي ابْنِ آدَمَ مِنْ عَيْبٍ؟ قَالَ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، وَاَلَّذِي أَحْصَيْتُهُ مِنْهَا ثَمَانِيَةُ آلَافِ عَيْبٍ. قَالَ: وَيَسْتُرُ جَمِيعَ ذَلِكَ حِفْظُ اللِّسَانِ.
(وَ) لْيَصُنْ (نَفْسَهُ) نَدْبًا (عَنْ الشَّهَوَاتِ) الَّتِي لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ مِنْ الْمَشْمُومَاتِ وَالْمُبْصِرَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا وَسَمَاعِ الْغِنَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ، وَهِيَ لِتَنْكَسِرَ النَّفْسُ عَنْ الْهُوَى وَتَقْوَى عَلَى التَّقْوَى، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ) وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِيَكُونَ عَلَى طُهْرٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّوْمِ، وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ: لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وَخَشْيَةً مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ أُذُنٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ إنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْغُسْلُ الْكَامِلُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا، فَلَوْ وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ غُسْلِهِ، فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ. وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ: يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ دُخُولُ الْحَمَّامِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَضُرَّهُ فَيُفْطِرَ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: هَذَا لِمَنْ يَتَأَذَّى بِهِ دُونَ مَنْ اعْتَادَهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ لَيْلًا وَنَوَتْ الصَّوْمَ وَصَامَتْ أَوْ صَامَ الْجُنُبُ بِلَا غُسْلٍ صَحَّ الصَّوْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] الْآيَةَ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» (1) وَقِيسَ بِالْجُنُبِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ. وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ» فَحَمَلُوهُ عَلَى مَنْ أَصْبَحَ مُجَامِعًا وَاسْتَدَامَ الْجِمَاعَ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّسْخِ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ) وَالْفَصْدِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِكَرَاهَتِهِ. وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ: يُكْرَهُ أَنْ يَحْجُمَ غَيْرَهُ أَيْضًا (وَ) عَنْ (الْقُبْلَةِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ