. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ عَيَّنَ كَقَوْلِهِ: إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ صَحَّ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ زَكَاةُ التَّمْرِ إذَا خُرِصَ وَقُلْنَا: الْخَرْصُ تَضْمِينٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ - فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ جَمِيعِهِ قَطْعًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ. هَذَا كُلُّهُ فِي بَيْعِ الْجَمِيعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ بَاعَهُ. فَأَمَّا إذَا بَاعَ بَعْضَهُ فَإِنْ لَمْ يُبْقِ قَدْرَ الزَّكَاةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ أَبْقَى قَدْرَهَا بِنِيَّةِ الصَّرْفِ فِيهَا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ بَطَلَ أَيْضًا فِي قَدْرِهَا عَلَى أَقْيَسِ الْوَجْهَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ جَزْمِ الشَّيْخَيْنِ بِالصِّحَّةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ اللَّفْظِيَّ أَقْوَى مِنْ الْقَصْدِ الْمُجَرَّدِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي زَكَاةِ الْأَعْيَانِ. أَمَّا زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْكُلِّ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَبْلَ إخْرَاجِهَا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَ الزَّكَاةِ الْقِيمَةُ، وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ أَمْوَالَ التِّجَارَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ مَا وَجَبَتْ فِي عَيْنِهِ فَيَأْتِي فِيهِ الْأَقْوَالُ السَّابِقَةُ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ عَلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِسَبَبِ أَنَّ مِلْكَهُ فِي بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ لَمْ يَكْمُلْ؛ لِأَنَّ لِلسَّاعِي انْتِزَاعَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَلَوْ أَدَّى الْبَائِعُ الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فِي قَدْرِهَا، وَقِيلَ: يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ قَدْ زَالَ.
خَاتِمَةٌ: يُسَنُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَالسَّاعِي الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ عِنْدَ الْأَخْذِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْخَيْرِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ: آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى - بِفَتْحِ اللَّامِ - عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ كَمَا لَا يُقَالُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَصًّا بِهِ إلَّا تَبَعًا لَهُمْ كَالْآلِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَتْبَاعِهِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِنَبِيَّيْنِ فَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَذْكَارِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُمَا يَرْتَفِعَانِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ فِيهِ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ عَلَى غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا حَقُّهُمَا فَلَهُمَا الْإِنْعَامِ بِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا. وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» وَالسَّلَامُ كَالصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَرَنَ بَيْنَهُمَا. لَكِنَّ الْمُخَاطَبَةَ بِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءً، وَوَاجِبَةٌ جَوَابًا كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا يَقَعُ مِنْهُ غِيبَةٌ فِي الْمُرَاسَلَاتِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا. وَيُسَنُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَخْيَارِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَضِّيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ.