. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَكِنْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ، ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَا ذَكَرَهُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا: إنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى صُورَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا أَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ نِسْبَتُهَا فِي الْقُرْبِ إلَى بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْتَبَرُ قُوتُ بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا بَلَدَ لِلْعَبْدِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي بَلَدٍ لَا قُوتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ مِنْ الْأَقْوَاتِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ عَلَى تَصْوِيرٍ صَحِيحٍ لَا يُعْدَلُ إلَى تَغْلِيطِهِمْ، وَإِذْ قَدْ عَرَفْتَ ذَلِكَ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا صَحَّحَهُ هُنَا وَبَيْنَ مَا صَحَّحَهُ أَوَّلًا مِنْ كَوْنِ الْأَصَحِّ اعْتِبَارَ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كُنْتُ قَرَّرْتُهُ أَوَّلًا تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَلِغَالِبِ شُرَّاحِ الْكِتَابِ.
فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا يَجِبُ صَرْفُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى الْأَصْنَافِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ يَكْفِي الدَّفْعُ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهَا قَلِيلَةٌ فِي الْغَالِبِ، وَبِهَذَا قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ. وَقِيلَ يَجُوزُ صَرْفُهَا لِوَاحِدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
ثَانِيهِمَا: لَوْ دَفَعَ فِطْرَتَهُ إلَى فَقِيرٍ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ فَدَفَعَهَا الْفَقِيرُ إلَيْهِ عَنْ فِطْرَتِهِ جَازَ لِلدَّافِعِ الْأَوَّلِ أَخْذُهَا، فَإِنْ قِيلَ: وُجُوبُ الْفِطْرَةِ يُنَافِي أَخْذَ الصَّدَقَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ أَخْذَهَا لَا يَقْتَضِي غَايَةَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَقَدْ تَجِبُ زَكَاةُ الْمَالِ عَلَى مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ فَإِنَّهَا تَحِلُّ مِنْ غَيْرِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ.
خَاتِمَةٌ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ يَئُولُ لَهُ الْمِلْكُ.
وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ رَقِيقٍ فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ كُلٌّ بِقِسْطِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَنْ أَرِقَّاءَ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالدَّيْنِ.
وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي، وَإِنْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ فَعَلَى الْوَارِثِ فِطْرَتُهُ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ، فَإِنْ قَبِلَ وَقَعَ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَةُ الرَّقِيقِ فِي التَّرِكَةِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ جُزْءٌ فِيهَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُجُوبِهَا أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ عَنْ الرَّقِيقِ إنْ قَبِلُوا الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ.
وَهَلْ تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ الْمُقِيمِينَ فِي الرِّبَاطِ؟ قَالَ الْفَارِقِيُّ: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الْغَلَّةَ، وَكَذَا إذَا وَقَفَ عَلَى الْمُقِيمِينَ بِالرِّبَاطِ إذَا حَدَثَتْ غَلَّةٌ