كَانَ عَبْدًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فِطْرَتُهَا، وَكَذَا سَيِّدُ الْأَمَةِ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ إذَا عَادَ، وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ عَبْدًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فِطْرَتُهَا) إذْ أَيْسَرَتْ بِهَا (وَكَذَا) يَلْزَمُ (سَيِّدَ الْأَمَةِ) فِطْرَتُهَا، وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُمَا، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً مِنْ الْمُؤَدِّي وَالْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَهَذَا أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ) وَتَلْزَمُ سَيِّدَ الْأَمَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذَا الطَّرِيقُ الثَّانِي تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا؛ وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا شَيْئَانِ: الْمِلْكُ وَالزَّوْجِيَّةُ وَالْمِلْكُ أَقْوَى. فَإِنْ قِيلَ: يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِمَا إذَا سَلَّمَهَا السَّيِّدُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ، فَإِنَّ الْفِطْرَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ قَوْلًا وَاحِدًا.
أُجِيبَ بِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَسَارِ لَا تَسْقُطُ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ يَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ عَنْهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْحُرَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ تُخْرِجَ الْفِطْرَةَ عَنْ نَفْسِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا.
تَنْبِيهٌ إذَا قُلْنَا بِالتَّحَمُّلِ هَلْ هُوَ كَالضَّمَانِ أَوْ الْحَوَالَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي، وَلِلْخِلَافِ فَوَائِدُ مِنْهَا جَوَازُ الْإِخْرَاجِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ إنْ قُلْنَا بِالضَّمَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْحَوَالَةِ فَلَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِبَلَدٍ وَالْمُؤَدِّي بِبَلَدٍ آخَرَ وَاخْتَلَفَ قُوتُ الْبَلَدَيْنِ إنْ قُلْنَا بِالْحَوَالَةِ وَجَبَ أَنْ تُؤَدَّى مِنْ بَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالضَّمَانِ جَازَ أَنْ تُؤَدَّى مِنْ بَلَدِ الْمُؤَدِّي؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ غَيْرِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ. وَمِنْهَا دُعَاءُ الْمُسْتَحِقِّ يَكُونُ لِلْمُؤَدِّي خَاصَّةً إنْ قُلْنَا بِالْحَوَالَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِالضَّمَانِ دَعَا لَهُمَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
(وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْغَائِبِ، فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ وَلَمْ تَنْتَهِ غَيْبَتُهُ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ) أَيْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ لَيْلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا (إذَا عَادَ) كَزَكَاةِ الْمَالِ الْغَائِبِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جُوِّزَ هُنَاكَ لِلنَّمَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) أَيْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ مَحَلُّهُ إذَا اسْتَمَرَّ انْقِطَاعُ خَبَرِهِ، فَلَوْ بَانَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَادَ إلَى سَيِّدِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى يَدِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّالِّ وَنَحْوِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إذَا عَادَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فِي الْحَالِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْإِمْلَاءِ فَلَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِقِيلَ، وَقَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَقِيلَ قَوْلَانِ. ثَانِيهِمَا لَا شَيْءَ، وَطَرِيقَةُ الْقَوْلَيْنِ هِيَ الَّتِي فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ، وَهِيَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكَاتِبِ. أَمَّا إذَا انْتَهَتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا ذَكَرَ فَلَا فِطْرَةَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ. فَإِنَّ قِيلَ: الْأَصَحُّ فِي جِنْسِ الْفِطْرَةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَوْضِعُهُ فَكَيْفَ