وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ، وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا، وَلَا يُجْلَسُ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَا يُوطَأُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَاتَ بِبَلَدِ بِدْعَةٍ وَخُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَبْشِهِ وَهَتْكِهِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ كَمَا صَنَعُوا بِبَعْضِ الصُّلَحَاءِ وَأَحْرَقُوهُ (وَالصَّحِيحُ) الْمَنْصُوصُ (أَنَّ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) كَمَا فُعِلَ بِقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي تَسْنِيمُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّسْطِيحَ شِعَارُ الرَّوَافِضِ فَيُتْرَكُ مُخَالَفَةً لَهُمْ وَصِيَانَةً لِلْمَيِّتِ وَأَهْلِهِ عَنْ الِاتِّهَامِ بِبِدْعَةٍ، وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُتْرَكُ لِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ فِيهَا، إذْ لَوْ رُوعِيَ ذَلِكَ، لَأَدَّى إلَى تَرْكِ سُنَنٍ كَثِيرَةٍ (وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ) ابْتِدَاءً بَلْ يُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ لِلِاتِّبَاعِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: الْمُسْتَحَبُّ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ اهـ.
فَلَوْ جُمِعَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ كُرِهَ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحَرُمَ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي مَجْمُوعِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَعِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْكَرَاهَةُ أَوْ نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ. أَمَّا التَّحْرِيمُ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ اهـ.
وَسَيَأْتِي مَا يُقَوِّي التَّحْرِيمَ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ كَثُرُوا وَعَسُرَ إفْرَادُ كُلِّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَكْثَرِ فِي قَبْرٍ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ، وَكَذَا فِي ثَوْبٍ، وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (فَيُقَدَّمُ) حِينَئِذٍ (أَفْضَلُهُمَا) وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْأَلُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ عَنْ أَكْثَرِهِمْ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ إلَى اللَّحْدِ، لَكِنْ لَا يُقَدَّمُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ عَلَا حَتَّى يُقَدَّمَ الْجَدُّ وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَكَذَا الْجَدَّةُ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ، وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ.
أَمَّا الِابْنُ مَعَ الْأُمِّ فَيُقَدَّمُ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ، وَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالصَّبِيُّ عَلَى الْخُنْثَى، وَالْخُنْثَى عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا يُجْمَعُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي قَبْرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَحْرُمُ عِنْدَ عَدَمِهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَقَالَ: إنَّهُ حَرَامٌ حَتَّى فِي الْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا، وَهَذَا كَمَا قَالَ شَيْخِي هُوَ الظَّاهِرُ، إذْ الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الْجَمْعِ الْإِيذَاءُ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا، وَالْخُنْثَى مَعَ الْخُنْثَى أَوْ غَيْرِهِ كَالْأُنْثَى مَعَ الذَّكَرِ، وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَالْمَحْرَمِ، وَيُحْجَزُ بَيْنَ الْمَيِّتَيْنِ بِتُرَابٍ حَيْثُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا نَدْبًا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَلَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ. أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ بَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ لِدَفْنِ ثَانٍ فِيهِ: أَيْ فِي لَحْدِهِ فَلَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُبْلَ الْأَوَّلُ وَيَصِرْ تُرَابًا.
وَأَمَّا إذَا جُعِلَ فِي الْقَبْرِ فِي لَحْدٍ آخَرَ مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ كَمَا يُفْعَلُ الْآنَ كَثِيرًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ (وَلَا يُجْلَسُ عَلَى الْقَبْرِ) الْمُحْتَرَمِ وَلَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ (وَلَا يُوطَأُ) عَلَيْهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَا يَصِلَ إلَى مَيِّتِهِ أَوْ مَنْ يَزُورُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْحَفْرِ إلَّا بِوَطْئِهِ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَالْمَشْهُورُ فِي ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ