وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ.
فَرْعٌ: الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا مِنْ الْوَالِي، فَيُقَدَّمُ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَرَأَى الْإِمَامُ إلْحَاقَهُمَا بِالْمُحْدِثِ وَتَبِعَهُ فِي الْوَسِيطِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاعْتِبَارُ الْمَوْتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ فَتَرَكَ الْجَمِيعُ فَإِنَّهُمْ يَأْثَمُونَ، بَلْ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ زَمَنًا تُمْكِنُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَانَ كَذَلِكَ اهـ.
وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ، فَيَنْبَغِي الضَّبْطُ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الدَّفْنِ لِئَلَّا يُرَدَّ مَا قِيلَ (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ) وَاسْتَدَلَّ لَهُ الرَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا أَكْرَمُ عَلَى رَبِّي أَنْ يَتْرُكَنِي فِي قَبْرِي بَعْدَ ثَلَاثٍ» . قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيث بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، لَكِنْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ لَا يُتْرَكُونَ فِي قُبُورِهِمْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَكِنَّهُمْ يُصَلُّونَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ» اهـ.
وَكَذَا لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا نَظَرٌ؛ وَلِأَنَّا لَمْ نَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِمْ، وَقِيلَ: يَجُوزُ فُرَادَى لَا جَمَاعَةً. .
(فَرْعٌ) : فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ. قَالَ الشَّارِحُ: زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ اهـ.
وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ: إنَّ تَرْجَمَةَ الْمُصَنِّفِ بِالْفَرْعِ قَدْ تَسْتَشْكِلُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ، وَهُوَ بَيَانُ أَوْلَوِيَّةِ الْوَلِيِّ لَيْسَ فَرْعًا عَمَّا قَبْلَهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى الصَّلَاةِ (الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ الذَّكَرَ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (مِنْ الْوَالِي) وَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ لِغَيْرِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُ، فَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَصَلَّى وَأَنَّ عُمَرَ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى وَوَقَعَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ، وَالْقَدِيمُ أَنَّ الْوَالِيَ أَوْلَى، ثُمَّ إمَامَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيَّ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْجَدِيدِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ هُوَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَدُعَاءُ الْقَرِيبِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِتَأَلُّمِهِ وَانْكِسَارِ قَلْبِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ: إذَا لَمْ يَخَفْ الْفِتْنَةَ مِنْ الْوَالِي وَإِلَّا قُدِّمَ قَطْعًا، وَلَوْ غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ قُدِّمَ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً أَمْ بَعِيدَةً.
قَالَهُ الْبَغَوِيّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ) أَوْ نَائِبُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَكَغَيْرِ الْأَبِ أَيْضًا نَائِبُهُ (ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ (وَإِنْ عَلَا) ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ أَكْثَرُ شَفَقَةً مِنْ الْفُرُوعِ (ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ. وَخَالَفَ