وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا: اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ، وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الثَّانِي: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ وَسَلَفًا وَذُخْرًا وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا، وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ» قَالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْتُ أَنْ لَوْ كُنْتُ أَنَا الْمَيِّتُ، هَذَا فِي الْبَالِغِ الذَّكَرِ، فَإِنْ كَانَ أُنْثَى عَبَّرَ بِالْأَمَةِ وَأَنَّثَ مَا يَعُودُ عَلَيْهَا، وَإِنْ ذَكَّرَ بِقَصْدِ الشَّخْصِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ كَانَ خُنْثَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ وَابْنُ أَمَتِكَ اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْمَيِّتَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِالضَّمَائِرِ مُذَكَّرَةً عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ الْمَيِّتِ وَمُؤَنَّثَةً عَلَى إرَادَةِ لَفْظِ الْجِنَازَةِ وَأَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَمْعٍ مَعًا يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ.
وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَسَيَأْتِي مَا يُقَالُ فِيهِ (وَيُقَدِّمُ) نَدْبًا (عَلَيْهِ) أَيْ الدُّعَاءِ السَّابِقِ « (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا: اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَزَادَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ» وَقُدِّمَ هَذَا لِثُبُوتِ لَفْظِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَتَضَمُّنِهِ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنَّ بَعْضَهُ مَرْوِيٌّ بِالْمَعْنَى وَبَعْضَهُ بِاللَّفْظِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ الْمُحَرَّرُ وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ (وَيَقُولُ) نَدْبًا (فِي) الْمَيِّتِ (الطِّفْلِ) أَوْ الطِّفْلَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ (مَعَ هَذَا) الدُّعَاءِ (الثَّانِي) فِي كَلَامِهِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) أَيْ الْمَيِّتَ بِقِسْمَيْهِ (فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَفِي الْقَامُوسِ ذَخَرَهُ: كَمَنَعَهُ ذُخْرًا بِالضَّمِّ: ادَّخَرَهُ وَاخْتَارَهُ وَاتَّخَذَهُ (وَعِظَةً) هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَوْعِظَةً، أَوْ اسْمُ الْفَاعِلِ: أَيْ وَاعِظًا (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا، وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْحَالِ، وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَلَى هَذَا وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيُؤَنَّثُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، وَيَأْتِي فِي الْخُنْثَى مَا مَرَّ، وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» فَيَكْفِي هَذَا الدُّعَاءُ لِلطِّفْلِ وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ: إنَّهُ لَا بُدَّ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُخَصَّ بِهِ كَمَا مَرَّ لِثُبُوتِ النَّصِّ فِي هَذَا بِخُصُوصِهِ. وَلَكِنْ لَوْ دَعَا لَهُ بِخُصُوصِهِ كَفَى، فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي بُلُوغِ الْمُرَاهِقِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَيُخَصِّصَهُ بِالدُّعَاءِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالُوهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ لَا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَهَذَا أَوْلَى. قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى. قَالَ