وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ، وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ فِي الْأَصَحِّ، فَيَكْفِي غَرَقُهُ أَوْ غَسْلُ كَافِرٍ، قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ مَسْتُورٍ عَلَى لَوْحٍ وَيُغَسَّلُ فِي قَمِيصٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ كُلُّ مَنْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ مَرَّةً؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَرْضُ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فِي حَقِّ الْحَيِّ (بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا، فَلَا يَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِي عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ، وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تَكْفِي كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ هُنَاكَ، فَيَتَّحِدُ الْحُكْمَانِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى نَجَاسَةٍ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ، أَوْ أَنَّ مَا هُنَاكَ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِهِ فَجَازَ إسْقَاطُهُ، وَمَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَامْتَنَعَ إسْقَاطُهُ.
أُجِيبَ بِخُرُوجِ الْأَوَّلِ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ.
وَالثَّانِي عَنْ الْمُدْرَكِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْمَحَلِّ لَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، فَيَكْفِي غُسْلُهُ لِذَلِكَ (وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلُ) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ فَيَكْفِي) عَلَى هَذَا (غَرَقُهُ أَوْ غَسْلُ كَافِرٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْغُسْلِ هُوَ النَّظَافَةُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. وَالثَّانِي تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، فَافْتَقَرَ إلَى النِّيَّةِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكْفِي الْغَرَقُ وَلَا غَسْلُ كَافِرٍ فَيَنْوِي كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ (قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ، فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا، حَتَّى لَوْ رَأَيْنَا الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ لَمْ يُسْقِطْ عَنَّا نَجَاسَتَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْكَفَنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السَّتْرُ وَقَدْ حَصَلَ، وَمِنْ الْغُسْلِ التَّعَبُّدُ بِفِعْلِنَا لَهُ، وَلِهَذَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ لَا لِلتَّكْفِينِ، وَهَلْ يَكْفِي تَغْسِيلُ الْجِنِّ؟ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ كَمَا قِيلَ: إنَّ الْجُمُعَةَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ (وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) عَنْ النَّاسِ لَا يَكُونُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا الْغَاسِلُ وَمَنْ يُعِينُهُ. وَلِلْوَلِيِّ الْحُضُورُ وَإِنْ لَمْ يُغَسِّلْ وَلَمْ يُعِنْ لِحِرْصِهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ. وَقَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ (مَسْتُورٍ) عَنْهُمْ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَا لَا يُحِبُّ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (عَلَى لَوْحٍ) أَوْ سَرِيرٍ هُيِّئَ لِذَلِكَ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الرَّشَاشُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مُسْتَلْقِيًا كَاسْتِلْقَاءِ الْمُحْتَضَرِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِغُسْلِهِ (وَيُغَسَّلُ) نَدْبًا (فِي قَمِيصٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ، وَقَدْ غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ خَلِقًا أَوْ سَخِيفًا حَتَّى لَا يَمْنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَقِيلَ تَجْرِيدُهُ أَوْلَى.
وَقَالَ الْمُزَنِيّ: إنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بِالْأَوَّلِ، وَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَلَالَتِهِ وَعِظَمِ قَدْرِهِ، وَقِيلَ: إنَّ الْغُسْلَ فِي الْقَمِيصِ لِلْأَشْرَافِ وَذَوِي الْهَيْئَاتِ، وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّ الْقَمِيصِ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَيُغَسِّلُهُ مِنْ تَحْتِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَمِيصًا أَوْ