وَبِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً، وَالْقَمَرِ بِالِانْجِلَاءِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، لَا الْفَجْرِ فِي الْجَدِيدِ، وَلَا بِغُرُوبِهِ خَاسِفًا.
وَلَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضٌ آخَرُ قَدَّمَ الْفَرْضَ إنْ خِيفَ فَوْتُهُ، وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ، ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْ دُونَهَا إلَّا أَنَّهَا لَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ، وَلَوْ حَالَ سَحَابٌ وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ أَوْ الْكُسُوفِ لَمْ يُؤَثِّرْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا ظَانًّا بَقَاءَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ انْجَلَى قَبْلَ تَحَرُّمِهِ بِهَا بَطَلَتْ، وَلَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا عَلَى قَوْلٍ، إذْ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ عَلَى هَيْئَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَتَنْدَرِجَ فِي نِيَّتِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ: انْجَلَتْ أَوْ انْكَسَفَتْ لَمْ نَعْتَبِرْهُمْ فَنُصَلِّيَ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ تَخْمِينٌ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ (وَ) تَفُوتُ أَيْضًا (بِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً) لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا يَبْطُلُ بِغُرُوبِهَا نَيِّرَةً أَوْ مَكْسُوفَةً لِزَوَالِ سُلْطَانِهَا (وَ) تَفُوتُ أَيْضًا صَلَاةُ كُسُوفِ (الْقَمَرِ بِالِانْجِلَاءِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَطُلُوعِ الشَّمْسِ) وَهُوَ مُنْخَسِفٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ حِينَئِذٍ بِضَوْئِهِ (لَا) بِطُلُوعِ (الْفَجْرِ) فَلَا تَفُوتُ صَلَاةُ خُسُوفِهِ (فِي الْجَدِيدِ) لِبَقَاءِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَضُرُّ طُلُوعُ الشَّمْسِ فِي صَلَاتِهِ كَالِانْجِلَاءِ، وَالْقَدِيمِ تَفُوتُ لِذَهَابِ اللَّيْلِ وَهُوَ سُلْطَانُهُ (وَلَا) تَفُوتُ صَلَاتُهُ أَيْضًا (بِغُرُوبِهِ) أَيْ الْقَمَرِ (خَاسِفًا) لِبَقَاءِ مَحَلِّ سَلْطَنَتِهِ وَهُوَ اللَّيْلُ فَغُرُوبُهُ كَغَيْبُوبَتِهِ تَحْتَ السَّحَابِ خَاسِفًا.
فَإِنْ قِيلَ: قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: قَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ سُلْطَانُهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّا لَا نَنْظُرُ إلَى لَيْلَةٍ بِخُصُوصِهَا بَلْ نَنْظُرُ إلَى سُلْطَانِهِ وَهُوَ اللَّيْلُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَا أَنَّا نَنْظُرُ إلَى سُلْطَانِ الشَّمْسِ وَهُوَ النَّهَارُ، وَلَا نَنْظُرُ فِيهِ إلَى غَيْمٍ وَلَا إلَى غَيْرِهِ.
(وَلَوْ اجْتَمَعَ) عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَأَكْثَرُ وَلَمْ يَأْمَنْ الْفَوَاتَ قُدِّمَ الْأَخْوَفُ فَوَاتًا ثُمَّ الْآكَدُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ (كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضٌ آخَرُ) غَيْرُهَا وَلَوْ نَذْرًا (قُدِّمَ الْفَرْضُ) جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُتَحَتِّمٌ فَكَانَ أَهَمَّ، هَذَا (إنْ خِيفَ فَوْتُهُ) لِضِيقِ وَقْتِهِ، فَفِي الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ لَهَا ثُمَّ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ الْكُسُوفُ إنْ بَقِيَ أَوْ بَعْضُهُ ثُمَّ يَخْطُبُ لَهُ، وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي الْفَرْضَ ثُمَّ يَفْرِضُ بِالْكُسُوفِ مَا مَرَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْفَرْضِ (فَالْأَظْهَرُ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي الْمَجْمُوعِ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَقَطَعُوا بِهِ (تَقْدِيمُ) صَلَاةِ (الْكُسُوفِ) لِتَعَرُّضِهَا لِلْفَوَاتِ بِالِانْجِلَاءِ وَيُخَفِّفُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَيَقْرَأُ فِي كُلِّ قِيَامٍ بِالْفَاتِحَةِ وَنَحْوِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ) فِي صُورَتِهَا (مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ) وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقْصِدَهُ مَعَهَا بِالْخُطْبَةِ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ مَقْصُودٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا يَحْصُلُ ضِمْنًا لَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ كَمَا لَوْ ضَمَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إلَى الْفَرْضِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَا تَتَضَمَّنُ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكُسُوفِ لَمْ تَكْفِ الْخُطْبَةُ عَنْهُ (ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعِ خُطَبٍ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ صَلَاتِهِ وَالْجُمُعَةُ بِالْعَكْسِ، وَالْعِيدُ مَعَ الْكُسُوفِ كَالْفَرْضِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا مَعًا بِالْخُطْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ، وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ. فَإِنْ