وَكَذَا فِي قَوْلٍ نَجَسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ. قُلْتُ: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي سَيْلِ دَمِهَا امْتَحَنَ بِجِنْسِهَا فَتُجْرَحُ لِلْحَاجَةِ. قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا، لَكِنْ لَا دَمَ فِيهَا أَوْ فِيهَا دَمٌ لَا يَسِيلُ لِصِغَرِهَا فَلَهَا حُكْمُ مَا يَسِيلُ دَمُهَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالثَّانِي تُنَجِّسُهُ.
قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ كَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ النَّجِسَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَنْشَأْ فِيهِ فَإِنْ نَشَأَتْ فِيهِ وَمَاتَتْ كَالْعَلَقِ وَدُودِ الْخَلِّ لَمْ تُنَجِّسْهُ جَزْمًا، فَإِنْ غَيَّرَتْهُ الْمَيْتَةُ لِكَثْرَتِهَا أَوْ طُرِحَتْ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهَا قَصْدًا تَنَجَّسَ جَزْمًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرَيْنِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِمَا: بَعْدَ مَوْتِهَا قَصْدًا أَنَّهُ لَوْ طَرَحَهَا شَخْصٌ بِلَا قَصْدٍ أَوْ قَصَدَ طَرْحَهَا عَلَى مَكَان آخَرَ فَوَقَعَتْ فِي الْمَائِعِ أَوْ أَخَذَ الْمَيْتَةَ لِيُخْرِجَهَا فَوَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ رَفْعِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى رَمْيِهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ بَلْ قَصَدَ إخْرَاجَهَا فَوَقَعَتْ فِيهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ طَرَحَهَا مَنْ لَا يُمَيِّزُ أَوْ قَصَدَ طَرْحَهَا فِيهِ فَوَقَعَتْ فِيهِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَمَاتَتْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَضَعَ خِرْقَةً عَلَى إنَاءٍ وَصُفِّيَ بِهَا هَذَا الْمَائِعُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمَيْتَةُ بِأَنْ صَبَّهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَضَعُ الْمَائِعَ، وَفِيهِ الْمَيْتَةُ مُتَّصِلَةٌ بِهِ ثُمَّ يَتَصَفَّى عَنْهَا الْمَائِعُ وَتَبْقَى هِيَ مُنْفَرِدَةً عَنْهُ، لَا أَنَّهُ طَرْحُ الْمَيْتَةِ فِي الْمَائِعِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ مِنْ الْمَائِعِ أَوْ مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى قِلَّتِهِ لَمْ يَطْهُرْ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخِي. فَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ
(وَكَذَا فِي قَوْلٍ نَجَسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ) أَيْ لَا يُشَاهَدُ بِالْبَصَرِ لِقِلَّتِهِ لَا لِمُوَافَقَةِ لَوْنِ مَا اتَّصَلَ بِهِ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ وَخَمْرٍ وَمَا تَعَلَّقَ بِنَحْوِ رِجْلِ ذُبَابَةٍ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي النَّجَاسَاتِ (قُلْتُ ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ) مِنْ مُقَابِلِهِ وَهُوَ التَّنْجِيسُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَأَشْبَهَ دَمَ الْبَرَاغِيثِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ عَنْ الْمُعْظَمِ. وَمَجْمُوعُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ سَبْعُ طُرُقٍ: إحْدَاهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ: قَوْلَانِ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ، وَالثَّانِيَةُ: يُؤَثِّرُ فِيهِمَا قَطْعًا، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالثَّالِثَةُ: لَا يُؤَثِّرُ فِيهِمَا قَطْعًا. وَالرَّابِعَةُ: يُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ، وَفِي الثَّوْبِ قَوْلَانِ. وَالْخَامِسَةُ: عَكْسُ ذَلِكَ. وَالسَّادِسَةُ: يُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ دُونَ الثَّوْبِ قَطْعًا. وَالسَّابِعَةُ: عَكْسُهُ. وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ فِي الْعَفْوِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ قَوِيٌّ، لَكِنْ قَالَ الْجِيلِيُّ صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ. قَالَ