[فَصْلٌ]

يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ، أَوْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ.

وَالْحَطُّ أَوْلَى،

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُصَدِّقُ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَى الْمُكَذِّبِ، وَإِنْ ادَّعَى دَفْعَ الْجَمِيعِ لِأَحَدِهِمَا فَقَالَ لَهُ: بَلْ أَعْطَيْتَ كُلًّا مِنَّا نَصِيبَهُ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ وَصُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَ الْآخَرِ بِحَلِفِهِ. ثُمَّ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ إنْ شَاءَ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا أَخَذَ وَيَأْخُذَ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُقِرُّ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ

[فَصْلٌ]

فِيمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَبَيَانِ حُكْمِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(يَلْزَمُ السَّيِّدَ) بَعْدَ صِحَّةِ كِتَابَةِ رَقِيقِهِ (أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ (أَوْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ) بَعْدَ أَخْذِ النُّجُومِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِمَا ذَكَرَ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَإِنَّمَا خَرَجْنَا عَنْهُ فِي الْكِتَابَةِ لِدَلِيلٍ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى حَمْلِ الْإِيتَاءِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَيُعْمَلُ بِمَا اقْتَضَاهُ الظَّاهِرُ.

تَنْبِيهٌ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْمَالِ لِلْعَهْدِ: أَيْ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ جُزْءًا آخَرَ مِنْ الْمَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، أَوْ يَدْفَعُ إلَيْهِ جُزْءًا مِنْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ وَلَكِنْ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُؤْتِهِ لَزِمَ الْوَارِثَ أَوْ وَلِيَّهُ الْإِيتَاءُ، فَإِنْ كَانَ النَّجْمُ بَاقِيًا تَعَيَّنَ مِنْهُ وَقُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ تَلِفَ النَّجْمُ قُدِّمَ الْوَاجِبُ عَلَى الْوَصَايَا، وَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ فَالزَّائِدُ مِنْ الْوَصَايَا، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَبْرَأَ الرَّقِيقَ عَنْ جَمِيعِ النُّجُومِ لَا يَجِبُ الْإِيتَاءُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الصَّدَاقِ لِزَوَالِ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهَا لَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: وَاسْتَثْنَى الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ صُورَتَيْنِ لَا يَلْزَمُ الْإِيتَاءُ فِيهِمَا أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، أَوْ يُكَاتِبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا يَحْتَمِلُ الثُّلُثُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّجُومِ إلَّا الْقَدْرُ الْوَاجِبُ فِي الْإِيتَاءِ لَا يَسْقُطُ وَلَا يَحْصُلُ التَّعَارُضُ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْحَطَّ أَصْلٌ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ، لَكِنْ يَرْفَعُهُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَرَى رَأْيَهُ وَيَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا.

(وَالْحَطُّ) عَنْ الْمُكَاتَبِ (أَوْلَى) مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَوْلًا وَفِعْلًا، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعَانَتُهُ لِيَعْتِقَ، وَالْإِعَانَةُ فِي الْحَطِّ مُحَقَّقَةٌ، وَفِي الدَّفْعِ مَوْهُومَةٌ، فَإِنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ وَهُوَ وَجْهٌ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015