وَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ: لَيْسَ هِيَ لِي، أَوْ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ، أَوْ هِيَ لِابْنِي الطِّفْلِ، أَوْ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ مَسْجِدِ كَذَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ وَلَا تُنْزَعُ مِنْهُ بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِمُعَيَّنٍ حَاضِرٍ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ سُئِلَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ صَارَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ لَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ: أَوَّلًا بَعْدَ قَوْلِهِ بِالْمِلْكِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ تَعَلُّقَ أَوَّلًا بِ خَافَ، وَلَا مَعْنَى لَهُ.
(وَإِذَا) (ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا) عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا (فَقَالَ) فِي الْجَوَابِ (لَيْسَ هِيَ لِي) مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُضِفْهَا (أَوْ) أَضَافَهَا لِمَجْهُولٍ كَقَوْلِهِ وَ (هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ) أَوْ لَا أُسَمِّيهِ (أَوْ) لِمَعْلُومٍ لَا يُمْكِنُنِي مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ كَقَوْلِهِ: (هِيَ لِابْنِي الطِّفْلِ) أَوْ الْمَجْنُونِ مِلْكٌ لَهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَحْجُورِهِ كَانَ أَوْلَى (أَوْ) قَالَ هِيَ (وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ) عَلَى (مَسْجِدِ كَذَا) وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ النَّاظِرُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ) عَنْهُ (وَلَا تُنْزَعُ) الْعَيْنُ (مِنْهُ) لِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ لِلْمِلْكِ وَمَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ (بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ) لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ) بِهَا رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَتَثْبُتَ لَهُ الْعَيْنُ فِي الْأُولَتَيْنِ، وَفِيمَا لَوْ أَضَافَهَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَالْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَالثَّانِي تَنْصَرِفُ عَنْهُ وَيَنْتَزِعُ الْحَاكِمُ الْعَيْنَ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا أَخَذَهَا، وَإِلَّا حَفِظَهَا إلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ قَيْدٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ بَلْ يُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَوْ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ اهـ.
وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَوْ يُحَلِّفَهُ، وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَمَا ذَكَرَ لِنَفْسِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ، رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ) (أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ (لِمُعَيَّنٍ حَاضِرٍ) بِالْبَلَدِ (يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ) (سُئِلَ) عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ صَدَّقَهُ) انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَ (صَارَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ) أَيْ الْحَاضِرِ لِصَيْرُورَةِ الْيَدِ لَهُ، وَالْخُصُومَةُ إنَّمَا تَدُورُ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ: يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ أَوْ يُمْكِنُ تَحْلِيفُهُ، لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ.
الثَّانِي: كَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَهُوَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ تَنْصَرِفُ إلَى وَلِيِّهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَصَدَّقَهُ، فَإِنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: صَارَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ يُفْهِمُ انْصِرَافَهَا عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لِلْمُدَّعِي طَلَبُ يَمِينِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ الْبَدَلَ لَوْ أَقَرَّ لَهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) كَمَا مَرَّ تَصْحِيحُهُ فِي كِتَابِهِ " الْإِقْرَارُ " وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِيُعِيدَ التَّصْرِيحَ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَهُوَ