وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ فَيُعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ، وَيَقْسِمُ.

وَيَجْعَلُ الْإِمَامُ رِزْقَ مَنْصُوبِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ وَسَمَّى كُلٌّ قَدْرًا لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الْحِصَصِ، وَفِي قَوْلٍ عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْمُقَوِّمَيْنِ، وَمَأْخَذُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ شَاهِدٌ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ قَوْلِهِ، وَلِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ، وَقَالَ لَمْ نَجِدْ نَصًّا صَرِيحًا يُخَالِفُهُ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ فَلَوْ فَوَّضَ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ إلَى وَاحِدٍ غَيْرِهِمْ بِالتَّرَاضِي جَازَ قَطْعًا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ. يَكْفِي وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَرْصٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ كَالتَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّ الْخَارِصَ يَجْتَهِدُ وَيَعْمَلُ بِاجْتِهَادِهِ فَكَانَ كَالْحَاكِمِ وَالْمُقَوِّمُ يُخْبِرُ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ فَهُوَ لَهُ كَالشَّاهِدِ وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاسِمُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ وَجَبَ تَعَدُّدُهُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى عَمَلٍ مَحْسُوسٍ.

(وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ) بِأَنْ يُفَوِّضَ لَهُ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ فِيهِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِهِ (فَيُعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ) أَيْ بِقَوْلِهِمَا (وَيَقْسِمُ) بِنَفْسِهِ، وَلِلْقَاضِي الْحُكْمُ فِي التَّقْوِيمِ بِعِلْمِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ.

(وَيَجْعَلُ الْإِمَامُ رِزْقَ مَنْصُوبِهِ) إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وُجُوبًا إذَا كَانَ فِيهِ سِعَةٌ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَيَكُونُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِعْلَ ذَلِكَ، وَلَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ مَصْرِفٌ أَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفِ (فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ) إنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ جَمِيعُهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَهُمْ، وَقِيلَ: هِيَ عَلَى الطَّالِبِ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ حِينَئِذٍ نَصْبُ قَاسِمٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ يَدَعُ النَّاسَ يَسْتَأْجِرُونَ مَنْ شَاءُوا لِئَلَّا يُغَالِيَ الْمُعَيَّنُ فِي الْأُجْرَةِ أَوْ يُوَاطِئَهُ بَعْضُهُمْ فَيَحِيفَ، كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَرَامٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ وَسَمَّى كُلٌّ) مِنْهُمْ (قَدْرًا لَزِمَهُ) سَوَاءٌ تَسَاوَوْا فِيهِ أَمْ تَفَاضَلُوا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا بِالْأُجْرَةِ مِثْلَ حِصَّتِهِ أَمْ لَا، وَلْيَسْتَأْجِرُوا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَأَنْ يَقُولُوا اسْتَأْجَرْنَاك لِتَقْسِمَ بَيْنَنَا كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى فُلَانٍ وَدِينَارَيْنِ عَلَى فُلَانٍ أَوْ يُوَكِّلُوا مَنْ يَعْقِدُ لَهُمْ كَذَلِكَ، فَلَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِعَقْدٍ لِإِفْرَازِ نَصِيبِهِ وَتَرَتَّبُوا كَمَا قَالَاهُ أَوْ لَمْ يَتَرَتَّبُوا كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا صَحَّ إنْ رَضِيَ الْبَاقُونَ، بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ أَحَدُهُمْ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَصِيلًا وَوَكِيلًا وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى عَقْدِ الْبَاقِينَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. نَعَمْ لَهُمْ ذَلِكَ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّ كُلًّا عَقَدَ لِنَفْسِهِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ (وَإِلَّا) بِأَنْ سَمَّوْا أُجْرَةً مُطْلَقَةً فِي إجَارَةِ صَحِيحَةٍ أَوْ فَاسِدَةٍ (فَالْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى) قَدْرِ (الْحِصَصِ) الْمَأْخُوذَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الْمِلْكِ كَنَفَقَةِ الْمُشْتَرَكِ (وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقٍ حَاكِيَةٍ لِقَوْلَيْنِ الْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةٌ (عَلَى) عَدَدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015