ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ وَالْقَنَاعَةَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إشْهَادِ غَيْرِهِ، وَهُنَا التَّحَمُّلُ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْحَقَّ مِنْ الْخَصْمِ وَسَأَلَهُ الْخَصْمُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمُدَّعِي بِذَلِكَ لَزِمَهُ إجَابَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُطَالِبُ بِإِلْزَامِ مَا حَكَمَ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ، وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ الْكِتَابَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْحَقُّ كَمَا لَا يَلْزَمُ مَنْ اسْتَوْفَى مِنْ غَرِيمِهِ مَا لَهُ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ أَوْ مَنْ بَاعَ غَيْرَهُ شَيْئًا لَهُ بِهِ حُجَّةٌ أَنْ يُعْطِيَهُ الْحُجَّةَ؛ لِأَنَّهَا غَالِبًا تَكُونُ مِلْكَهُ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ اسْتِحْقَاقُهُ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَلِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالٍ لِلْغَائِبِ مِنْ ثِقَةٍ لِيَحْفَظَهُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَهُ بَيْعُ حَيَوَانِهِ لِخَوْفِ هَلَاكِهِ وَنَحْوِهِ كَغَصْبِهِ، وَلَهُ إجَارَتُهُ إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ، وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ أَجَّرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَلِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي كَانَ بِنِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَمَالُ مَنْ لَا تُرْجَى مَعْرِفَتُهُ لِلْقَاضِي بَيْعُهُ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي الْمَصَالِحِ وَلَهُ حِفْظُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ صَرْفُهُ فِي الْمَصَالِحِ لَا حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلنَّهْبِ وَمَدِّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ إلَيْهِ.
[بَاب الْقِسْمَةِ]
ِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ تَمْيِيزُ بَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ مِنْ بَعْضٍ، وَالْقَسَّامُ الَّذِي يَقْسِمُ الْأَشْيَاءَ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ لَبِيدٌ:
فَارْضَ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيكُ فَإِنَّمَا ... قَسَمَ الْمَعِيشَةَ بَيْنَنَا قَسَّامُهَا
وَوَجْهُ ذِكْرِهَا فِي خِلَالِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ الْقَسَّامِ لِلْحَاجَةِ إلَى قِسْمَةِ الْمُشْتَرَكَاتِ، بَلْ الْقَاسِمُ كَالْحَاكِمِ فَحَسُنَ الْكَلَامُ فِي الْقِسْمَةِ مَعَ الْأَقْضِيَةِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] وَخَبَرُ «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ» «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا