بَلْ يُخْبِرُهُ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ جَرْحٍ.
وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وُلِّيَ وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ.
وَإِذَا اُسْتُعْدِيَ عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ أَحْضَرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ (بَلْ يُخْبِرُهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ بِالْحَالِ (وَيُمَكِّنُهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (مِنْ جَرْحٍ) فِيهَا وَمَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ كَعَدَاوَةٍ وَيُمْهَلُ لِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَأَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ، فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ، وَالْجَرْحُ يَوْمَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْجَرْحَ اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا قَالَاهُ وَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِ يَوْمَ الشَّهَادَةِ، بَلْ لَوْ جَرَحَهَا قَبْلَهَا وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ مَضَتْ لَمْ يُؤَثِّرْ الْجَرْحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ سَفِيهًا لِدَوَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا.
(وَلَوْ) (عُزِلَ) قَاضٍ (بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ وُلِّيَ) (وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) قَطْعًا، وَلَا يَحْكُمُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِهِ بِالْعَزْلِ.
تَنْبِيهٌ لَوْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، ثُمَّ عَادَ فَلَهُ الْحُكْمُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ.
ثُمَّ اسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْبَابِ. فَقَالَ (وَإِذَا اُسْتُعْدِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ أَعْدَى يُعْدِي: أَيْ يُزِيلُ الْعُدْوَانَ، وَهُوَ الظُّلْمُ: كَأَشْكَاهُ أَزَالَ شَكْوَاهُ (عَلَى) خَصْمٍ صَالِحٍ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ عَنْهَا (حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَذِبَهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ عُرِفَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً أَمْ لَا (أَحْضَرَهُ) وُجُوبًا إقَامَةً لِشِعَارِ الْأَحْكَامِ وَلَزِمَهُ الْحُضُورُ رِعَايَةً لِمَرَاتِبِ الْحُكَّامِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْقَاضِي وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لَا أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ يَقْضِيَ الْحَقَّ إلَى الطَّالِبِ اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يُحْضِرُ ذَوِي الْمُرُوآتِ فِي دَارِهِ لَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِحْضَارِ مَنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ يَتَعَطَّلُ بِحُضُورِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِي التَّفْلِيسِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ بِعَدَمِ حَبْسِ مَنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ. وَقَالَ: لَا يُعْتَرَضُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى إحْضَارِهِ الْبَرْزَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَوْ حَبْسِهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَهَا أَمَدٌ يُنْتَظَرُ، وَهُوَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ عَنْ الْعُدَّةِ أَنَّ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَتَوَهَّمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمُسْتَعْدِيَ يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ وَأَذَاهُ لَا يُحْضِرُهُ، وَلَكِنْ يُنْفِذُ إلَيْهِ مَنْ يُسْمِعُ الدَّعْوَى تَنْزِيلًا لِصِيَانَتِهِ مَنْزِلَةَ الْمُخَدَّرَةِ وَجَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ كَغَيْرِهِ فِي إحْضَارِ الْخَصْمِ، لَكِنْ لَا يُحْضِرُ إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ حَتَّى تَفْرُغَ الصَّلَاةُ بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ يَوْمَ السَّبْتِ، فَإِنَّهُ يُحْضِرُهُ وَيَكْسِرُ عَلَيْهِ سَبْتَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُقَاسُ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيُّ فِي الْأَحَدِ. أَمَّا إذَا دَعَاهُ الْخَصْمُ إلَى حَاكِمٍ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ فَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ، بَلْ الْوَاجِبُ أَدَاءُ الْحَقِّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ، وَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ الْحُضُورُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النور: 51] ، وَحَمَلَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْأَوَّلَ، عَلَى مَا إذَا قَالَ: لِي عَلَيْك كَذَا فَاحْضُرْ مَعِي إلَى الْحَاكِمِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ وَفَاءُ الدَّيْنِ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا