وَلَوْ حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ فَفِي إمْضَائِهِ إذَا عَادَ إلَى وِلَايَتِهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ، وَلَوْ نَادَاهُ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا أَمْضَاهُ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى سَمَاعِ بَيِّنَةٍ كَتَبَ سَمِعْتُ بَيِّنَةً عَلَى فُلَانٍ، وَيُسَمِّيهَا الْقَاضِي إنْ لَمْ يُعَدِّلْهَا، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ يُعْتَبَرُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ إمْكَانُ الْمُعَامَلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى كِتَابَةِ الصِّفَةِ الْمُمَيِّزَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الزَّائِدَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِدَعْوَى وَحَلِفٍ.

(وَلَوْ) (حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ) لِلْمُدَّعِي الْحَاضِرِ (فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ) عَلَى الْغَائِبِ (فَفِي إمْضَائِهِ) أَيْ تَنْفِيذِهِ (إذَا عَادَ إلَى) مَحِلِّ (وِلَايَتِهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ) وَقَدْ مَرَّ فَيَحْكُمُ، وَخَرَجَ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ مَا لَوْ اجْتَمَعَا فِي غَيْرِ بَلَدِهِمَا وَأَخْبَرَهُ بِحُكْمِهِ فَلَيْسَ لَهُ إمْضَاؤُهُ إذَا عَادَ لِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ، وَبِحُكْمِهِ مَا لَوْ شَافَهَهُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ فَلَا يَقْضِي بِهَا إذَا عَادَ إلَى مَحِلِّ وِلَايَتِهِ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي مَحِلِّ وِلَايَتِهِ حَكَمْتُ بِكَذَا يَحْصُلُ لِلسَّامِعِ بِهِ عِلْمٌ بِالْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِلْإِنْشَاءِ فِي تَخْرِيجِهِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ، بِخِلَافِ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ الْإِخْبَارَ بِهِ لَا يُحَصِّلُ عِلْمًا بِوُقُوعِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَسْلُكَ بِهِ مَسْلَكَ الشَّهَادَةِ، فَاخْتَصَّ سَمَاعُهَا بِمَحِلِّ الْوِلَايَةِ (وَلَوْ نَادَاهُ) وَهُمَا كَائِنَانِ (فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا) أَيْ قَالَ قَاضِي بَلَدِ الْحَاضِرِ وَهُوَ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ لِقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ حَكَمْتُ بِكَذَا عَلَى فُلَانٍ الَّذِي بِبَلَدِكَ (أَمْضَاهُ) أَيْ نَفَّذَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابَةِ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: إنِّي حَكَمْتُ بِكَذَا فَإِنَّهُ يُمْضِيهِ إذَا أَخْبَرَهُ بِهِ نَائِبُهُ فِي الْبَلَدِ وَعَكْسِهِ (وَإِنْ اقْتَصَرَ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ (عَلَى سَمَاعِ بَيِّنَةٍ) بِلَا حُكْمٍ (كَتَبَ) بِهَا إلَى بَلَدِ الْغَائِبِ فَيَقُولُ فِي كِتَابِهِ لَهُ (سَمِعْتُ بَيِّنَةً عَلَى فُلَانٍ) ابْنِ فُلَانٍ وَيَصِفُهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ بِهِ بِكَذَا وَكَذَا لِيَتَوَلَّى الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْحُكْمَ عَلَيْهِ (وَيُسَمِّيهَا الْقَاضِي) الْكَاتِبُ حَتْمًا وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهَا (إنْ لَمْ يُعَدِّلْهَا) لِيَبْحَثَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عَنْ عَدَالَتِهَا وَغَيْرِهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَدَّلَهَا (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ) لِلْبَيِّنَةِ وَيَأْخُذُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ اكْتِفَاءً بِتَعْدِيلِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لَهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ تَعْدِيلِهَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَصَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا يُسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يَقْضِي بِقَوْلِهِمْ.

تَنْبِيهٌ لَوْ أَقَامَ الْخَصْمُ بَيِّنَةً بِجَرْحِ الشُّهُودِ قُدِّمَتْ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ، وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِمْهَالُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيُقِيمَ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَبْرَأَنِي أَوْ قَضَيْتُ الْحَقَّ وَاسْتُمْهِلَ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ، فَلَوْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إلَى بَلَدِهِمْ وَأَجْرَحَهُمْ فَإِنِّي لَا أَتَمَكَّنُ مِنْ جَرْحِهِمْ إلَّا هُنَاكَ، أَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ هُنَاكَ دَافِعَةٌ لَمْ يُمْهَلْ، بَلْ يُؤْخَذُ الْحَقُّ مِنْهُ، فَإِنْ أَثْبَتَ جَرْحًا أَوْ دَفْعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015