وَكُلِّ سَبُعٍ ضَارٍ، وَكَذَا رَخَمَةٌ وَبُغَاثَةٌ، وَالْأَصَحُّ حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ وَتَحْرِيمُ بَبَّغَاء
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْهَمْزِ (وَكُلِّ سَبُعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ (ضَارٍ) بِالتَّخْفِيفِ - أَيْ عَادٍ، وَالْبُرْغُوثِ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَالزُّنْبُورِ بِضَمِّ الزَّايِ، وَالْبَقِّ، وَالْقَمْلِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «خَمْسٌ تُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْحَيَّةُ» بَدَلُ الْعَقْرَبِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ ذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِيَ مَعَ الْخَمْسِ، وَقِيسَ بِهِنَّ الْبَاقِي لِإِيذَائِهَا، وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ مَا ذُكِرَ إسْقَاطٌ لِحُرْمَتِهِ وَمَنْعٌ مِنْ اقْتِنَائِهِ، وَلَوْ أُكِلَ لَجَازَ اقْتِنَاؤُهُ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ عُمُومِ تَحْرِيمِ مَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ الْبَهِيمَةُ الْمَأْكُولَةُ اللَّحْمِ إذَا وَطِئَهَا الْآدَمِيُّ فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الزِّنَا مَعَ الْأَمْرِ بِقَتْلِهَا
تَنْبِيهٌ: احْتَرَزَ بِالضَّارِي عَنْ نَحْوِ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ مِمَّا نَابُهُ ضَعِيفٌ، فَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ إنَّمَا نُدِبَ قَتْلُهَا لِإِيذَائِهَا كَمَا مَرَّ، إذْ لَا نَفْعَ فِيهَا، وَمَا فِيهِ نَفْعٌ وَمَضَرَّةٌ لَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهِ، وَيُكْرَهُ قَتْلُ مَا لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ كَالْخَنَافِسِ جَمْعُ خُنْفُسَاءَ بِضَمِّ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، وَالْجِعْلَانِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيُقَالُ لَهُ أَبُو جِعْرَانٍ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ تُسَمَّى الزُّعْقُوقَ تَعَضُّ بَعْضَ الْبَهَائِمِ فِي فَرْجِهَا فَتَهْرُبُ، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ الْخُنْفُسَاءِ، شَدِيدَةُ السَّوَادِ، فِي بَطْنِهَا لَوْنُ حُمْرَةٍ، لِلذَّكَرِ قَرْنَانِ وَالرَّخَمُ وَالْكَلْبُ غَيْرُ الْعَقُورِ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ (وَكَذَا رَخَمَةٌ) وَهِيَ طَائِرٌ يُشْبِهُ النَّسْرَ فِي الْخِلْقَةِ، وَكُنْيَتُهَا أُمُّ قَيْسٍ لِخُبْثِ غِذَائِهَا (وَبُغَاثَةٌ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْحِدَأَةِ، وَهِيَ طَائِرٌ أَبْيَضُ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِدَأَةِ لَهُ مِخْلَبٌ ضَعِيفٌ.
تَنْبِيهٌ يَحْرُمُ أَيْضًا النَّهَّاسُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ طَائِرٌ صَغِيرٌ يَنْهَسُ اللَّحْمَ بِطَرَفِ مِنْقَارِهِ، وَأَصْلُ النَّهْسِ أَكْلُ اللَّحْمِ بِطَرَفِ الْأَسْنَانِ وَأَمَّا النَّهْشُ بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ الْأَكْلُ بِجَمِيعِهَا فَتَحْرُمُ الطُّيُورُ الَّتِي تَنْهَسُ كَالسِّبَاعِ الَّتِي تَنْهَشُ لِاسْتِخْبَاثِهَا (وَالْأَصَحُّ حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ) وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ الزَّاغُ، وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ، لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ يَأْكُلُ الزَّرْعَ فَأَشْبَهَ الْفَوَاخِتَ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَمَّا مَا عَدَا الْأَبْقَعَ وَغُرَابَ الزَّرْعِ فَأَنْوَاعٌ أَحَدُهَا الْعَقْعَقُ وَيُقَالُ لَهُ الْقَعْقَعُ، وَهُوَ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، طَوِيلُ الذَّنْبِ، قَصِيرُ الْجَنَاحِ، عَيْنَاهُ يُشْبِهَانِ الزِّئْبَقَ، صَوْتُهُ الْعَقْعَقَةُ، كَانَتْ الْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِصَوْتِهِ. ثَانِيهَا الْغُدَافُ الْكَبِيرُ، وَيُسَمَّى الْغُرَابَ الْجَبَلِيَّ، لِأَنَّهُ لَا يَسْكُنُ إلَّا الْجِبَالَ، فَهَذَانِ حَرَامَانِ لِخُبْثِهِمَا. ثَالِثُهَا الْغُدَافُ الصَّغِيرُ، وَهُوَ أَسْوَدُ رَمَادِيُّ اللَّوْنِ، وَهَذَا قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ يَحْرُمُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِلْأَمْرِ بِقَتْلِ الْغُرَابِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ بِحِلِّهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِحِلِّهِ الْبَغَوِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ الزَّرْعَ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ (وَ) الْأَصَحُّ (تَحْرِيمُ بَبَّغَاءٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّنُهَا، وَبِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَبِالْقَصْرِ طَائِرٌ أَخْضَرُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ، لَهُ قُوَّةٌ عَلَى حِكَايَةِ الْأَصْوَاتِ وَقَبُولِ التَّلْقِينِ قَالَ ابْنُ مُطَرِّفٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمُ ذَكَرٍ مِنْ لَفْظِهَا