وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفْرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ.
وَأَنْ يَذْبَحَهَا بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّوْضَةِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَالَ: جَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةً، فَإِنَّهُ يَجِبُ إنْ عُلِّقَ بِشِفَاءِ مَرِيضٍ قَطْعًا، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَذْرٍ، بَلْ أَلْحَقَهُ الْأَصْحَابُ بِالتَّحْرِيرِ وَالْوَقْفِ.
(وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا (أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفْرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ) بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ سَائِرُ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ كَالشَّعْرِ كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ: وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَتْ إزَالَتُهُ وَاجِبَةً كَخِتَانِ الْبَالِغِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ، وَالْجَانِي بَعْدَ الطَّلَبِ، وَمَا كَانَتْ إزَالَتُهُ مُسْتَحَبَّةً كَخِتَانِ الصَّبِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ: التَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ مُمْتَنِعَةٌ، إذْ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ لِمَالِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ، وَالْأُضْحِيَّةُ تَبَرُّعٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ التَّضْحِيَةَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ لَوْ ضَحَّى شَخْصٌ وَأَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي الثَّوَابِ جَازَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَبِقَوْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ، وَعِبَارَاتُ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ فِي حَقِّ مَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ، وَهَذَا لَمْ يُرِدْهَا.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: لَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَمْ تُكْرَهْ لَهُ الْإِزَالَةُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ دَخَلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَخْذُ شَعْرِهِ، وَظُفْرُهُ مَمْنُوعٌ فِي الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ، إذْ لَا يَخْلُو الشَّهْرُ مِنْ يَوْمِ جُمُعَةٍ. أَمَّا الْمُحْرِمُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إزَالَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ يَوْمُ النَّحْرِ لَا بَأْسَ بِالْحَلْقِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ التَّضْحِيَةِ فِي بَقِيَّتِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا؛ وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي مَعْنَى مُرِيدِ الْأُضْحِيَّةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ بَلْ أَوْلَى، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ سُرَاقَةَ، قَالَ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ حَتَّى يُضَحِّيَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ بِأَعْدَادٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِذَبْحِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاءُ النَّهْيِ إلَى آخِرِهَا اهـ.
وَالْأَوْجَهُ زَوَالُهَا بِالْأَوَّلِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَى آخِرِهَا، وَلَوْ أَخَّرَ النَّاذِرُ التَّضْحِيَةَ بِمُعَيَّنٍ إلَى انْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَالْأَرْجَحُ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا قَضَاءً.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ الرَّجُلُ (بِنَفْسِهِ) إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ بِمَشْهَدٍ مِنْ أَهْلِهِ لِيَفْرَحُوا بِالذَّبْحِ وَيَتَمَتَّعُوا بِاللَّحْمِ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْأُضْحِيَّةُ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرَاتِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ فَالسُّنَّةُ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْخُنْثَى مِثْلُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ التَّوْكِيلِ لِكُلِّ مَنْ ضَعُفَ عَنْ الذَّبْحِ مِنْ الرِّجَالِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ لِلْأَعْمَى وَكُلِّ مَنْ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْ