وَمَتَى مَلَكَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِانْفِلَاتِهِ، وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ كَانَ الْحَفْرُ لِلصَّيْدِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَدَخَلَهَا سَمَكٌ هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ مَنَافِعِهَا لَهُ، أَوْ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا؟ وَجْهَانِ فِي فُرُوقِ ابْنِ جَمَاعَةَ الْمَقْدِسِيِّ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَمَتَى مَلَكَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) عَنْهُ (بِانْفِلَاتِهِ) فَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ يَدُورُ فِي الْبَلَدِ أَمْ الْتَحَقَ بِالْوُحُوشِ فِي الْبَرِّيَّةِ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ شَرَدَتْ الْبَهِيمَةُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ انْفَلَتَ بِقَطْعِهِ مَا نُصِبَ لَهُ، فَإِنَّهُ يَعُودُ مُبَاحًا وَيَمْلِكُهُ مَنْ يَصْطَادُهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَكَذَا) لَا يَزُولُ مِلْكُهُ (بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ عَنْهُ لَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ عَنْهُ كَمَا لَوْ سَيَّبَ بَهِيمَتَهُ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَصِيدَهُ إذَا عَرَفَهُ. وَالثَّانِي يَزُولُ وَيَجُوزُ اصْطِيَادُهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ. وَالثَّالِثُ إنْ قَصَدَ بِإِرْسَالِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ زَالَ مِلْكُهُ، وَإِلَّا فَلَا.

تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي مَالِكٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ. أَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ قَطْعًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ إرْسَالُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِفِعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} [المائدة: 103] وَالْبَحِيرَةُ هِيَ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الْإِبِلِ. ثُمَّ تُثَنِّي أُنْثَى، وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ إذَا وَصَلَتْ أُنْثَى بِأُنْثَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ، وَالْحَامُ فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ، فَإِذَا قُضِيَ ضِرَابُهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مَا إذَا خِيفَ عَلَى وَلَدِ الصَّيْدِ بِحَبْسِ مَا صَادَهُ مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِرْسَالِ صِيَانَةً لِرُوحِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ الْغَزَالَةِ الَّتِي أَطْلَقَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ أَوْلَادِهَا لَمَا اسْتَجَارَتْ بِهِ، وَحَدِيثُ الْحُمَّرَةِ - بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَدِّ فَرْخَيْهَا إلَيْهَا لَمَّا أُخِذَا، وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمَحِلُّ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فِي صَيْدِ الْوَلَدِ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْكُولًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ ذَبْحُهُ. وَلَوْ قَالَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ عِنْدَ إرْسَالِهِ: أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ، أَوْ أَبَحْتُهُ فَقَطْ: كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ، وَلَهُ إطْعَامُ غَيْرِهِ مِنْهُ. بَحَثَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ، وَهَلْ يَحِلُّ إرْسَالُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ. لَكِنْ أَفْتَى شَيْخِي بِالْأَوَّلِ. وَأَمَّا كِسَرُ الْخُبْزِ وَالسَّنَابِلِ وَنَحْوِهَا الَّتِي يَطْرَحُهَا مَالِكُهَا فَالْأَرْجَحُ فِيهَا أَنَّ آخِذَهَا يَمْلِكُهَا وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ أَحْوَالِ السَّلَفِ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَا فَرْقَ فِي السَّنَابِلِ بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا الزَّكَاةُ أَمْ لَا نَظَرًا لِأَحْوَالِ السَّلَفِ،، وَإِنْ أَعْرَضَ عَنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ فَمَنْ دَبَغَهُ مَلَكَهُ وَيَزُولُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015