أَوْ لَهُمْ قُرِّرَتْ، وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي الْأَصَحِّ.
وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا، وَقِيلَ نَدْبًا مِنْ رَفْعِ بِنَاءٍ عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَائِدَةٌ: قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ دُخُولُ كَنَائِسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ دُخُولَهُمْ إلَيْهَا، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْجَوَازُ بِالْإِذْنِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهَا صُورَةٌ. فَإِنْ كَانَ وَهِيَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ حَرُمَ هَذَا إذَا كَانَتْ مِمَّا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا وَإِلَّا جَازَ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةُ الْإِزَالَةِ، وَغَالِبُ كَنَائِسِهِمْ الْآنَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ (أَوْ) فُتِحَ صُلْحًا بِشَرْطِ الْأَرْضِ (لَهُمْ) وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا (قُرِّرَتْ) كَنَائِسُهُمْ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ (وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالدَّارَ لَهُمْ فَيَتَصَرَّفُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْبَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِهِمْ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، وَأَعْيَادِهِمْ كَضَرْبِ نَاقُوسِهِمْ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ إيوَاءِ الْجَاسُوسِ وَتَبْلِيغِ الْأَخْبَارِ وَسَائِرِ مَا نَتَضَرَّرُ بِهِ فِي دِيَارِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ جَوَّزْنَا أَيْضًا الْكَنَائِسَ، فَلَا مَنَعَ مِنْ تَرْمِيمِهَا إذَا اسْتُهْدِمَتْ؛ لِأَنَّهَا مُبْقَاةٌ، وَهَلْ يَجِبُ إخْفَاءُ الْعِمَارَةِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَطْيِينِهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، وَتَجُوزُ إعَادَةُ الْجُدْرَانِ السَّاقِطَةِ، وَإِذَا انْهَدَمَتْ الْكَنِيسَةُ الْمُبْقَاةُ، فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ إعَادَتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِحْدَاثٍ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: وَلَا أَرَى الْفَتْوَى بِذَلِكَ. فَإِنَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ أَوْ نَحْوِهَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي رَجُلًا مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ زَرْقَاءُ، فَعِنْدَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ طَلَبَنِي ذَلِكَ الْعَالِمُ فَوَجَدْتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِيهِ، وَبِيَدِهِ كُرَّاسَةٌ فِي تَرْمِيمِ الْكَنَائِسِ، يُرِيدُ أَنْ يَنْتَصِرَ لِجَوَازِ التَّرْمِيمِ وَيَسْتَعِينَ بِي فَذَكَرْتُ وَاعْتَبَرْتُ. قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِنَا لَا نَمْنَعُهُمْ التَّرْمِيمَ، لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَائِزٌ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي الَّتِي يُقَرُّونَ عَلَيْهَا كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَلَا نَقُولُ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ وَلِيُّ الْأَمْرِ فِيهِ كَمَا يَأْذَنُ فِي الْأَشْيَاءِ الْجَائِزَةِ فِي الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى تَمْكِينِهِمْ التَّخْلِيَةُ وَعَدَمُ الْإِنْكَارِ كَمَا أَنَّا نُقِرُّهُمْ عَلَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَلَوْ اشْتَرَوْهُمَا أَوْ اسْتَأْجَرُوا مَنْ يَكْتُبُهُمَا لَهُمْ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ، وَلَا يَحِلُّ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُمْ افْعَلُوا ذَلِكَ وَأَنْ يُعِينَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَأَنْ يَعْمَلَ لَهُمْ فِيهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرُوا لَهُ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ. قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالتَّرْمِيمِ الْإِعَادَةُ لِمَا تَهَدَّمَ مِنْهَا لَا بِآلَاتٍ جَدِيدَةٍ. قَالَ: وَهَذَا مَدْلُولُ لَفْظِ الْإِعَادَةِ وَالتَّرْمِيمِ، وَمَنْ ادَّعَى خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ مُطَالَبٌ بِنَقْلٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ مَشْهُورُ مَذْهَبِنَا التَّمْكِينُ وَالْحَقُّ عِنْدِي خِلَافُهُ اهـ.
وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَنَّهَا تُرَمَّمُ بِآلَاتٍ جَدِيدَةٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ تَوْسِيعُهَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي حُكْمِ كَنِيسَةٍ مُحْدَثَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْأُولَى.
(وَيُمْنَعُونَ) أَيْ الذِّمِّيُّونَ (وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا مِنْ رَفْعِ بِنَاءٍ) لَهُمْ (عَلَى بِنَاءِ جَارٍ) لَهُمْ (مُسْلِمٍ) وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَقْدِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَلِيَتَمَيَّزَ الْبِنَاءَانِ، وَلِئَلَّا يُطَّلَعَ عَلَى