وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ وَلَمْ يَبْذُلْ جِزْيَةً أُلْحِقَ بِمَنَامِهِ، وَإِنْ بَذْلَهَا عُقِدَ لَهُ، وَقِيلَ عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيهِ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى زَمِنٍ وَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ وَفَقِيرٍ كَسْبٍ فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ التَّلْفِيقُ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْجُنُونِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا هَذَا إذَا تَعَاقَبَ الْجُنُونُ وَالْإِفَاقَةُ، فَلَوْ كَانَ عَاقِلًا فَجُنَّ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَكَمَوْتِ الذِّمِّيِّ فِي أَثْنَائِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ حِينَئِذٍ (وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ) وَلَوْ بِنَبَاتِ عَانَتِهِ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ (وَلَمْ يَبْذُلْ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ يُعْطِ (جِزْيَةً) بَعْدَ طَلَبِنَا لَهَا مِنْهُ (أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) سَوَاءٌ أَعْتَقَ الْعَبْدَ ذِمِّيٌّ أَمْ مُسْلِمٌ، وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ لَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لِحُرْمَةِ وَلَائِهِ (وَإِنْ بَذْلَهَا) مَنْ ذُكِرَ (عُقِدَ لَهُ) وَلَا يَكْفِي عَقْدُ أَبٍ وَسَيِّدٍ، وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ أَدْخَلَهُ فِي عَقْدِهِ إذَا بَلَغَ أَوْ عَتَقَ كَأَنْ قَالَ قَدْ الْتَزَمْتُ هَذَا عَنِّي وَعَنْ ابْنِي إذَا بَلَغَ، أَوْ عَبْدِي إذَا عَتَقَ (وَقِيلَ عَلَيْهِ) أَيْ الصَّبِيِّ (كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ اكْتِفَاءً بِعَقْدِ أَبِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فَيُعْقَدُ لَهُ عَقْدٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَيُسَاوَمُ كَغَيْرِهِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْكَمَالِ وَلِوُجُوبِ جِزْيَةٍ أُخْرَى، وَمَرَّ أَنَّ إعْطَاءَهَا فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْتِزَامِهَا، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ حَوْلَ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ وَاحِدًا لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ أَخَذُ الْجِزْيَةِ، وَيَسْتَوْفِيَ مَا لَزِمَ التَّابِعَ فِي بَقِيَّةِ الْعَامِ الَّذِي اتَّفَقَ الْكَمَالُ فِي أَثْنَائِهِ إنْ رَضِيَ التَّابِعُ بِذَلِكَ أَوْ يُؤَخِّرَهُ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي فَيَأْخُذَهُ مَعَ جِزْيَةِ الْمَتْبُوعِ فِي آخِرِهِ، لِئَلَّا يَخْتَلِفَ أَوَاخِرُ الْأَحْوَالِ، وَإِنْ شَاءَ أَفْرَدَهُمَا بِحَوْلٍ فَيَأْخُذُ مَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ سَفِيهًا فَعَقَدَ لِنَفْسِهِ أَوْ عَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ بِدِينَارٍ صَحَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ حَقْنِ الدَّمِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْحَقْنَ مُمْكِنٌ بِدِينَارٍ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَالَحَ السَّفِيهَ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ صَحَّ صِيَانَةً لِرُوحِهِ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ صَوْنَ الدَّمِ فِي الْجِزْيَةِ يَحْصُلُ بِالدِّينَارِ، وَصَوْنُ الرُّوحُ لَا يَحْصُلُ فِي الْقِصَاصِ إلَّا بِالزِّيَادَةِ، إذْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قَبُولُ الدِّينَارِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ قَبُولُ الدِّيَةِ، وَلَوْ اخْتَارَ السَّفِيهُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْمَأْمَنِ لَمْ يَمْنَعْهُ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّ حَجْرَهُ عَلَى مَالِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى زَمِنٍ وَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ) ؛ لِأَنَّهَا كَأُجْرَةِ الدَّارِ، فَيَسْتَوِي فِيهَا أَرْبَابُ الْأَعْذَارِ وَغَيْرُهُمْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ إنْ قُلْنَا لَا يُقْتَلُونَ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (وَ) عَلَى (فَقِيرٍ عَجَزَ عَنْ كَسْبٍ) وَلَوْ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ فِي حَقْنِ الدَّمِ وَالسُّكْنَى (فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ) وَكَذَا حُكْمُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَمَا تَعَامَلَ الْمُعْسِرُ، وَيُطَالَبُ إذَا أَيْسَرَ، وَفِي قَوْلٍ غَيْرِ مَشْهُورٍ إنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عَطْفِ الْمُصَنِّفِ لَهُ عَلَى الزَّمَنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ طَرِيقَانِ. تَنْبِيهٌ: سَكَتَا عَنْ تَفْسِيرِ الْفَقِيرِ هُنَا، وَفِيهِ وَجْهَانِ: حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ وَالرَّازِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ أَحَدُهُمَا مُسْتَحِقُّ الزَّكَاةِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: مَنْ لَا يَمْلِكُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015